ذات مرة ،التقت احدى القنوات الفضائية برجل فلسطيني تهدم منزله للتو وقتل ابنه الأكبر ..كان يجلس على صخرة وينظر الى منزله بحسرة بينما تنشج زوجته ببكاء مكتوم وقد نام على حجرها احد أحفادها..سألوه عما يطالب به بعدما حدث وماذا يقول عن اعدائه فقال :اعداؤنا يحرموننا اهم مالدينا ، ثم طالب باستمرار الدوام في المدرسة ليواصل ابناؤه وأحفاده تعليمهم ..هذا كل ماطالب به ...ومهما حدث وسيحدث لأنه اعتبر عدوه منتصرا بحرمانه من اهم مالديه ..التعليم ..
اليوم ، ودون ان يفكروا في نتائج ما حدث وسيحدث ، ينساق القادة العراقيون وراء أهداف سياسية متنوعة ويعمل كل منهم بطريقته لإنقاذ البلد او تخريبه او تحقيق أغراض شخصية متناسين اهم ما لديهم وهو تعليم الأبناء ..ابناؤنا الطلبة اليوم يعيشون حالة استعداد دائمة لمغادرة مقاعد الدراسة بعد ان تكاثرت عليهم العطل الرسمية وغير الرسمية وافتقد المعلمون والمدرسون الجدية والمواظبة في تعليمهم وارتبط دوامهم بالأحداث السياسية فتسربت من بين أيديهم أيام دوام عديدة بسبب التهديد بالانفجارات او حدوث اضطرابات ....وحين تسأل أحدا منهم عن الدوام يرد عليك مستهزئا :(يادوام ..يابطيخ ) وهكذا سنحقق بجدارة واحدا من اهم اركان ثلاثية ( الجهل والفقر والمرض ) التي يسعى اليها الاستعمار لإذلال الشعوب ..
"يقال ان التاريخ وجد لنعتذر عن أخطاء من سبقونا " يجب ان نتذكر ذلك حين نفكر بهمومنا العراقية ، بحقوقنا كبشر ومواطنين وبضرورة احترام آدميتنا وحقنا في ان نقول "لا " وبالأمان والحب وبالسعادة وبهدوء النفس وبالاستقرار وبعدم الخوف من الغد ..وددنا لو نفكر بأشياء جديدة بعد سقوط ( الصنم ) الذي كان مسؤولاعن تلك الأخطاء الجسيمة فلم نجد بديلا مناسبا ..توقعنا ان يجد أولادنا أياما افضل ويبتسم الغد لشبابنا ويضمن كبارنا حياة كريمة لكن ( التركة ) ثقيلة –كما يقول السياسيون – حين يتفلسفون وبالتالي يراد لها ورثة من النوع الثقيل ليخففوا من عبء حملها ..
روت لي امرأة بدوية ذات يوم كيف علمها زوجها مهنة التوليد دون ان يقصد فقد اعتاد مغادرتها لأسابيع او لأشهر في رحلات للصيد لتصبح مجبرة على توليد نفسها عندما يفاجئها المخاض وبأبسط الأدوات المتوفرة ودون أية رعاية صحية ..شعرت وقتها بان غريزة الأمومة تدفع المرأة الى عمل اشياء غير عادية لإنقاذ أطفالها وهو ما يتطلب شجاعة كبيرة وقدرة على اتخاذ القرار ...ثم قرأت عن تلك المرأة المكسيكية التي أجرت لنفسها عملية قيصرية بسكين المطبخ لتنقذ وليدها بعد ان يئست من الولادة بصورة طبيعية لأنها كانت وحيدة في منزلها الريفي وفي منطقة بعيدة عن المستشفى ...كانت المرأة قد شقت بطنها بسكين المطبخ لتنجب مولودا ذكرا معافى وقبل ان تفقد وعيها أرسلت ابنها الصغير ليطلب لها معونة اقرب قابلة في القرية ..حدث هذا ونحن نعيش الألفية الثالثة وما فيها من ثورة علمية وتكنولوجية حولت الأمنيات الى حقائق ومع ذلك وجدت المرأة نفسها مجبرة على اتخاذ قرار صائب رغم ما ترتب عليه من آلام ..اعتقد ان تلك المرأة البدوية ومثلها المكسيكية انتصرتا على اعتى رجال العالم وقدمتا درسا مجانيا لمن يحاول الاستفادة منه فلو حاول كل مسؤول سياسي تبني شيء من غريزة انسانية طبيعية في تعامله مع الشعب ، اما كان سينجح في اتخاذ قرارات غير عادية لإنقاذهم وتعليم اولادهم وولادة مولود ( الديمقراطية ) معافى بعد المخاض العسير ...؟
ولادة عسيرة
[post-views]
نشر في: 10 فبراير, 2014: 09:01 م