اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > المشرّدو ن .. فطورهم احتقار المجتمع وعشاؤهم فضلات المطاعم

المشرّدو ن .. فطورهم احتقار المجتمع وعشاؤهم فضلات المطاعم

نشر في: 10 فبراير, 2014: 09:01 م

عندما انفصل والدي  عن والدتي وجدت نفسي في وضع صعب هكذا بدا حسن بسرد قصته للمدى مبينا استحالة العيش مع زوجة أبي التي لم تكن على  استعداد  للتعايش معي ،ففكرت في البحث عن عمل لإعالة نفسي وإعالة أسرتي ، إذ كنت تارة أعمل وأخرى لا أجد عملا أ

عندما انفصل والدي  عن والدتي وجدت نفسي في وضع صعب هكذا بدا حسن بسرد قصته للمدى مبينا استحالة العيش مع زوجة أبي التي لم تكن على  استعداد  للتعايش معي ،ففكرت في البحث عن عمل لإعالة نفسي وإعالة أسرتي ، إذ كنت تارة أعمل وأخرى لا أجد عملا أكسب منه لقمة العيش  ,لم أكن أدرك أن معرفتي بصديق بالصدفة ستكون مفتاحاً لحياة كلها جحيم , أتسول لأعيش وأنسى واقعي الأليم , لكن هذا لم يمنعني من التطلع للأفضل وتحسين وضعيتي والاندماج ولو تدريجياً في المجتمع , ولو كانت هناك معامل صغيرة لنا لنتعلم المهن والحرف لكنا بأفضل حال, حيث أن نظرتنا إلى المجتمع كانت ستتغير وسنتطلع للانخراط بعد التعلم في ميدان العمل والإنتاج بدلاً من احتراف التشرد والتسول .
يقاسون  شظف العيش
بعضهم ترك منطقته , وآخرون محافظاتهم , تجمع بينهم معاناة صعبة دفعتهم إليها ظروفهم   ,صنعوا عالماً خاصاً بهم , مشاكلهم تبدو صغيرة جداً وتكاد تكون متشابهة لكنهم عجزوا عن مواجهتها فاستسلموا واختاروا الشارع ملاذاً ومأوى واتخذوا من بعضهم بعضاً أصدقاء وإخوة بعدما تخلت عنهم أسرهم وأصبحوا اليوم يقاسون شظف العيش .يعرفون أنهم عالة على المجتمع ويعرفون أن نظرة الآخرين لهم قاسية انسجمنا معهم وجلسنا إليهم وسمعنا منهم كيف يتعاملون في أوضاعهم وكيف يواجهونها بعدما عجزت الدولة عن إنقاذهم .
 فضلات المطاعم
وليد اختار بدوره الشارع بديلاً للأسرة بعدما انقطع عن الدراسة ورفض العيش مع أسرته , التي قال إنها تشتتت بعد وفاة والديه يقول : إن نظرات الآخرين هي نظرات احتقار وتزيد من معاناتنا كمشردين كأننا ارتكبنا جريمة ورضينا لأنفسنا هذه الحالة .علما بأن هناك أسباباً اجتماعية رمت بنا في هذا الجحيم ،فبالإضافة إلى ما قاله حسن , فإنني أتمنى أن يلتفت إلينا أصحاب المطاعم فيوفروا لنا فرصاً ويقدموا لنا وجبات مما يتبقى لدى بعض المطاعم من أكلات , بدلا من أن تستفيد منها القطط فقط , وهنا أؤكد أننا جزء من المجتمع العراقي الذي إذا غير نظرته إلينا يمكن أن تتغير بعض سلوكياتنا وقد نصبح أكثر استعدادا للاندماج فيه .
حيث لا ينفع الندم
سامر استاء من معاملات إخوته بعد وفاة والديه فهجرهم ليجرفه تيار الانحراف مع ثلة من أصدقائه .
 يقول : الآن ندمت والندم لم ينفعني في شيء أشعر بالضياع وبتفاهة حياتنا , وأصبحت واحداً من الفئة المشردة , أعتقد بأن بعض المطالب التي قد تسمعها مني ومن الآخرين لا تكلف المؤسسات الخاصة ولا المجتمع إلا قليلاً من الاهتمام واتخاذ المبادرة التي سيكون لها في نهاية الأمر انعكاس إيجابي على المجتمع برمته , فالمؤكد أن بعضنا قد يكون مصاباً بأمراض بسبب النوم في العراء , لذلك أقترح على المستشفيات وفي إطار التكافل والمساعدة أن تخصيص أياماً خاصة في السنة لاستقبال هذه الفئة من المشردين لفحصهم وعلاجهم مجاناً للكشف عليهم, فربما يكون البعض منهم مصاباً بأمراض قد لا تضرهم وحدهم بل يمكن أن تنتشر كعدوى في المجتمع ،والوقاية خير من العلاج .

الانخراط في المجتمع
حيدر ترك أسرته بسبب المعاملة السيئة واختار التسول كمورد لعيشه والشارع مأوى له , يؤكد أن هناك أطفالاً شردوا نتيجة خلاف أو طلاق بين الوالدين أو وفاة أحدهما , وما يترتب على ذلك من مشاكل يدفع الأطفال ثمنها غالياً ..
ويقول : إن المجتمع يمكنه متابعة هذه الفئة المشردة ومعرفة مشاكلها والتدخل كوسيط لإعادتها إما إلى أسرتها أو مساعدتها على الانخراط في المجتمع ،وبالإضافة إلى هذه المطالب , أتمنى أن تلفت إلينا بعض منظمات المجتمع المدني , فتوزع علينا الملابس وتخصص لنا أماكن للنوم , وتؤمن لنا العيش , وتساعدنا على العودة للانخراط في المجتمع .
مفتاح خير
عماد يؤكد أهمية فتح دورات  لتعليم الأطفال المهن والحرف ومساعدتهم على التعلم والاندماج , إلا أن هناك شيئاً أهم لا يقل أهمية عن الأكل والشرب والنوم وهو القراءة والكتابة يقول :
يمكن للمجتمع التدخل لتوفير فرص لتعلم الكتابة القراءة , وهكذا سيضطر المتسول لترتيب نفسه والجلوس مع بقية الأطفال والتعايش معهم وقد يكون تعلمه للقراءة مفتاح خير في حياته للاندماج في مجتمعه .
ضحية الفقر
كرار , الذي وجد نفسه منذ أعوام ضحية فقر الأسرة , التي لم تجد إمكانات لتعليمه ولا تأهيله لتعلم أي صناعة يتأسف لكونه يسمع بمناسبات خاصة بالطفولة ولا يلمس من المسؤولين أي التفاتة نحو المشردين الذين لا ذنب لهم في وضعيتهم المأساوية التي يعيشونها , ويتمنى كرار أن تقوم الجهات ذات العلاقة بمنحنا ما نكسو به جسمنا وما يقينا شرور برودة الجو , وذلك بتوزيع ألبسة ولو قديمة تقينا برد الشتاء وحر الصيف ..
صديق السوء
ويقول أحمد الذي وجد نفسه بعد وفاة والديه يتيماً بأن تشرده سببه صديق عاشره لفترة قصيرة جداً وابتلاه خلالها بالشم ،فأصبح همه اليومي هو التسول نهاراً لجمع ما يسدد به ثمن إدمانه إذ يقضي ليله منتشياً لينسى ماضيه المؤلم ،لكن كل شيء ممكن أن يتغير , يردد : لكن يجب أن نشعر باهتمام المجتمع بدلاً من نفوره ونظراته القاسية ،فمظهرنا بهذا القميص الممزق يثير الاشمئزاز والنفور ونحن نطالب الدولة بالاهتمام بنا كمشردين ،وهذا لن يأتي إلا من خلال معرفة حقيقة مشاكلنا وتحفيز منظمات المجتمع المدني , كما يجب أن تكون هناك ورش لتعلم الحرف ويكون لنا حقنا في العلاج وربما قد تجد بعض المنظمات الإنسانية من ضمن المشردين أطفالاً يرغبون في العودة لدفء أسرهم فتتدخل لهذه الغاية .
نظرتهم للحياة ستتغير
ويعود أحمد للتركيز على نقطة يعتبرها أساسية وتتعلق بفتح مراكز خاصة لاستقبال المشردين ولو ليوم واحد في الأسبوع , لتعليمهم القراءة والكتابة , وقد تمكنهم من العمل مستقبلاً , لأن أغلبية المشردين لم يدخلوا المدرسة أو أنهم انقطعوا عنها في أعوام الدراسة الأولى ،وقد يكون تعليمهم مؤشراً جديداً في الحياة للاندماج , وربما ستتغير نظرتهم للحياة .
وبعد تردد يتدخل أمجد بقوله : يجب أن يتعرف المجتمع على ظروفنا ومشاكلنا وتبادر الجهات المهتمة بالطفولة إلى إنشاء تجمعات ومنتديات يمكن أن تتم في مناسبات يفرح فيها الأطفال ،كأيام شهر رمضان المبارك , واليوم العالمي للطفل , وهو يوم يمكن أن ينظم فيه مهرجان أو تجمع ويحضرها كثير من المشردين بدعم وتشجيع من هذه المؤسسات لسماع آرائنا وأفكارنا لنشعر بأننا جزء من المجتمع العراقي ولسنا معزولين عنه .
   الباحث الاجتماعي
 وفي هذا الشأن , يرى الباحث الاجتماعي سليم الشيخلي أن المتشرد شخصية غير متوافقة اجتماعيا ولا نفسياً تتفاعل داخلها عناصر التنافر والتوتر والاحتلال وتتجاذبها تيارات الانحراف , والإنسان المتشرد لم يندمج إما بسبب عجزه الشخصي عن الاندماج أو بسبب خبرات وتجارب اجتماعية سلبية تركت فيه بصمات سلبية , وهذا راجع تأكيداً إلى تخلي بعض مؤسسات المجتمع عن وظائفها , لأن فطرة الإنسان تميل بطبعها إلى الاجتماع مع الآخر في حين نجد مثلا أن الطفل الوحيد بسبب غياب الأم أو الأب نتيجة الانفصال أو الطلاق يأوي إلى الشارع كنوع من الرفض لهذا الانفصال وكردّ فعل قد يأمل من ورائه جمع شمل والديه .
ويضيف :  ما نؤكده بشأن هذه النقطة بالذات هو العمل على إمكانية دمج هذه الفئة المشردة التي فقدت موقعها في المنظومة الاجتماعية في العمل الجاد إلى  إعادتها إلى المسار الطبيعي وعدم إهمالها وتركها على هامش الحياة ويتطلب الأمر استقطاب العناصر المشردة من قبل دور الدولة في العراق الذي يعد البلد الأغنى في العالم , وإشعار المجتمع برمته بدورها الإنساني والديني في آن واحد لانتشال هذه الفئة من الضياع , ولا يخفى كذلك ما للإجراءات الوقائية من دور لوضع حد  من انتشار الظاهرة , وذلك باستحداث آليات قانونية للحد من مشكلة الأطفال المتخلى عنهم , فالمشرد بحاجة ماسة لتجاوز الانشطار النفسي الذي يعصف به ،وهذا لن يتأتى إلا بوضع القضية بؤرة الاهتمام العام للمجتمع .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram