رغم الرفض الشعبي الواضح لوثيقة الإطار، التي يسعى وزير الخارجية الأميركي جون كيري، لاعتمادها أساساً لحل المعضلة الفلسطينية، فإن رئيس الوزراء الأردني لا يترك فرصة تمر، إلا ويُعلن دعم الأردن لجهود "لضمان تحقيق تقدم فعلي في المفاوضات، وصولاً إلى حل عادل، يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة" كما أن وزير الخارجية يناور في نفس الحقل، مؤكداً إمكانية وقبول تمديد المهلة التي منحها كيري لنفسه، وهي تسعة شهور، على أمل التوصل إلى اتفاق، لأن العرب والفلسطينيين انتظروا هذه الفرصة عقوداً، وعليه فإنه إذا كان كيري بحاجة لأيام إضافية لاستكمال جهودة، للوصول إلى صيغة اتفاق إطار للمفاوضات، فما المانع من التمديد، ولا يدري أحد أين تكمن المصلحة الأردنية العليا، التي باتت لازمةً عند كل السياسيين الأردنيين، حين الحديث عن الحل المأمول، في قبول خطة كيري التي لم يقبلها الفلسطينيون حتى اللحظة.
تتعثر جهود كيري في التوصل إلى "اتفاق إطار"، ولا يملك الفلسطينيون خياراً آخر، غير تمديد الفترة، إن اقتنعوا بأنه قطع خطوات مهمة إلى الأمام، لكنهم لا يلغون خططهم البديلة، المتمثلة بسحب الملف من يده، والتوجه نحو منظمات الأمم المتحدة ومواثيقها، والانضمام إليها بهدف إحراز تقدم أممي، في تكرار لما سبق، حين ذهبوا إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، لتحصل فلسطين على عضويتها كدولة في المنظمة الدولية، ومع تعثر جهوده "الشخصية"، كما يجب القول، يغيب كيري عن المنطقة التي اعتاد زيارتها مرتين أو أكثر في الشهر، باحثاً عن إنجاز يضيفه لسيرته الذاتية، لكنه ورغم حدة الهجوم على أفكاره من الأطراف كافة، وخصوصاً اليمين الصهيوني المتطرف، لايزال متمسكا بسعيه للتقدم.
بسبب عدم التجاوب مع كيري، في قضيتي الترتيبات الأمنية والحدود، وقضايا أخرى يجري بحثها بسرية، لكن التسريبات الإسرائيلية تكشف عنها، فإن العاهل الأردني، الممسك بهذا الملف بعيداً عن حكومته، يتوجه إلى واشنطن للتباحث مع أوباما، حول إيجاد مخرج ينقذ خطط كيري من مأزقها، وليس علينا غير انتظار نتائج هذه القمة، التي يشارك فيها وزير الخارجية الأميركي، لنتبين ما إذا كانت الإدارة الأميركية ماضية في جهودها، أم أنها ستتريث قبل إطلاق مبادرة محددة ومكتوبة، نظن أن واشنطن ستلوح فيها بالعصا للفلسطينيين، بينما تقدم الجزرة لنتنياهو، وعندها سينحصر الموقف الأردني، في إطار الرضوخ لمشيئة واشنطن، رغم عدم تساوقها مع المصالح الأردنية العليا، ولقناعة صاحب القرار بعدم تضييع فرصة، ربما تكون الأخيرة لإحلال السلام في المنطقة.
يقاتل كيري على جبهتين، دون أي دعم حقيقي من إدارة الديمقراطيين، وهو الجمهوري، ولا يتوقع له أكثر الناس تفاؤلاً النجاح في أي منهما، فالأفق في جنيف مسدود بين النظام السوري ومعارضيه، وعلى الجبهة الفلسطينية سيؤدي تباعد مفاهيم الحل المنشود عند طرفي الصراع إلى انهيار جهده في أي لحظة، وهو يدرك أن نجاحه الحقيقي والتاريخي، لن يتحقق بغير حل الصراع الأساسي في المنطقة، لكن في طريق هذا الهدف مطبات متنوعة وكثيرة، تتحول إلى عقبات كأداء يصعب تذليلها، أمّا رهن مستقبله السياسي بالنجاح فيهما، إن كان له مستقبل، فليس أكثر من مقامرة لا يضمن أحد نتائجها، وهي إن نجحت في الملف الفلسطيني، فإن الأردن سيكون دافع الثمن الأعلى، ولن تتوافق حلوله مع المصلحة الأردنية العليا، وسيفقد ملكه حق رعاية الأماكن المقدسة، بينما يرابط جيش الدفاع على حدود الدولة الفلسطينية معها، ويتم البحث عن مأوى جديد للاجئين على أرضه، في عملية ستُخل بالتوازن الديموغرافي فيه، رغم التلويح له بمليارات التعويضات، التي لن يعرف أحد أين ستذهب، هذا إن وصلت فعلاً
كيري والأردن معادلة ناقصة
[post-views]
نشر في: 10 فبراير, 2014: 09:01 م