ثلاثة صحفيين يعملون في مؤسسات إعلامية أجنبية لها مكاتب في العاصمة بغداد ، فشلت محاولاتهم في الوصول الى محافظة الأنبار للوقوف على حقيقة الأوضاع هناك ، للقاء القادة العسكريين ، وإجراء مقابلات مع منتسبي وحدات الجيش العراقي ، والأهالي ثم العودة بقصص صحفية لنشرها في صحفهم .
في مرآب العلاوي بجانب الكرخ كانت العقبة الأولى، فنصح سائقو السيارات العاملين على خط بغداد الرمادي، الصحفيين الثلاثة بالابتعاد عن هذه المغامرة ، والتنسيق مع الجهات الرسمية لتسهل لهم مهمتهم ، في تامين وصولهم الى الأنبار.
أسئلة كثيرة تدور في الشارع العراقي هذه الأيام حول الأوضاع في الرمادي، وما حققته العملية العسكرية من نتائج إيجابية على الأرض ، فضلا عن عدد الضحايا من المدنيين والعسكريين ،وإمكانية تحقيق الحل السلمي لتجاوز الأزمة ، وما هي العشائر الداعمة للجيش ، حجمها وتأثيرها وقدراتها على مواجهة عناصر التنظيمات الإرهابية ، والإجابة على هذه الأسئلة ستبقى مبهمة ، لان "الرواية " عادة ما تكون من طرف واحد ، والمؤسسات الإعلامية الأجنبية لا تكتفي بمصدر واحد ، بصرف النظر عن أهميته ، انما تبحث عن عدة اطراف ، لتخرج من اطار الدعاية ، الى عرض الحقائق بصورها على الأرض ، ومن يعتقد بان هناك غرضا مبيتا من هذا التوجه ، عليه استعراض تجارب خارجية في التعاطي مع الأزمات ونقلها الى الرأي العام ليطلع على خفايا وقضايا ، يتجاهلها الإعلام الرسمي .
بوجود شبكة التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائل الاتصال ضمن ما يعرف بالإعلام الشعبي ، بات الحصول على المعلومات أمرا يسيرا ، يمكن اعتماده والإشارة اليه ، لكنه غير كاف من دون تعزيزه بتصريحات مسؤولين ، ومشاهدات المراسلين ولقاءاتهم مع من يمثل اطراف القضية.
في زمن الحرب العراقية الإيرانية ، كانت الجهات الرسمية ، تنظم جولات لصحفيين أجانب ، وبموجب برنامج يعد سلفا ، خشية ان يغامر احدهم بنشر قصة في جريدته ، تعكس جانبا اخر خارج سياقات وتوجهات الإعلام الرسمي وقتذاك ، وبعد انتهاء الجولة، يتم توزيع الهدايا ، والمكرمات ، لتكون حافزا على كتابة قصص تشيد ببطولات الصناديد حراس البوابة الشرقية ، ومن يخالف ذلك ، يدرج ضمن القائمة السوداء ،ولن يتلقى دعوة ثانية لزيارة العراق .
احد موظفي وزارة الإعلام المنحلة ، كان مكلفا بمرافقة الوفود الإعلامية الأجنبية ، لديه تجربة مع صحفي فرنسي كان يريد الحصول على أرقام وبيانات دقيقة عن عدد القتلى العراقيين في الحرب وأماكن دفنهم ، وعندما طلب زيارة مقبرة النجف للقاء الدفانة لاعتقاد الصحفي بان" الدفان لديه الخبر اليقين"، عن بالابتعاد نصحه العراقي المترجم هذه المغامرة، والاعتماد على البيانات الرسمية دون الإشارة الى الخسائر البشرية في صفوف الجيش والاستمتاع بتناول السمك المسكوف واحتساء بيرة شهرزاد وفريدة ، صار واضح مولانا الصحفي الفرنسي، وانا بيا حال والدفان يغمزلي.
لدى الدفان الخبر اليقين
[post-views]
نشر في: 12 فبراير, 2014: 09:01 م