الثقافة الكردية تطل على العالم من أوسع أبوابه فتنفتح وتتحاور وتتلاقح مع الآخرين لتلغي كل السدود والمعوقات التي تعترض طريقها. فرقة السليمانية للفنون الشعبية قدمت عروضها مؤخراً في (أثينا), وفي فرنسا أقيم نشاط حول عمليات الأنفال سيئة الصيت التي أودت بحي
الثقافة الكردية تطل على العالم من أوسع أبوابه فتنفتح وتتحاور وتتلاقح مع الآخرين لتلغي كل السدود والمعوقات التي تعترض طريقها. فرقة السليمانية للفنون الشعبية قدمت عروضها مؤخراً في (أثينا), وفي فرنسا أقيم نشاط حول عمليات الأنفال سيئة الصيت التي أودت بحياة (182) ألف مواطن كردي في ثمانينات القرن الماضي على يد النظام السابق, ليأتي متزامناً مع دعوة حكومة إقليم كردستان لتقديم التعويضات إلى ضحايا هذه الجريمة المروعة بعد ان أقرت المحكمة الاتحادية أنها جريمة إبادة بشرية.
وفي العاصمة الأوكرانية (كييف) أقيم مهرجان (بدرخان) الثقافي في نسخته العاشرة في الفترة (27-28/8/2013) بعد ان قدم في بلدان عديدة أخرى في الأعوام الماضية, وتنوعت الفعاليات لتشمل الأفلام الوثائقية والتشكيل والفوتوغراف والندوات المتعلقة بتراث وتاريخ الشعب الكردي والمآسي التي تعرض لها. بالإضافة إلى الغناء والرقص والموسيقى وتقديم مسرحية بعنوان "روح الوطن" المتعلقة بفاجعة مدينة (حلبجة) التي قصفها النظام السابق بالسلاح الكيمياوي عام 1988.
إن هذا الطواف الجميل لثقافة وتراث وفن الشعب الكردي في العالم العربي والعواصم العالمية يؤسس لدبلوماسية تواصل ثقافي مهمة جداً للتعريف بالشعب الكردي وبتأريخه ومعاناته عبر التأريخ. ولتسليط الضوء على حاضره وتطلعاته المستقبلية. وفي هذا السياق نحيي وزارة الثقافة والشباب في الإقليم التي استطاعت كسر الجمود والانطواء والاندماج بالعالم ثقافياً, مثلما أنها اتبعت النهج اللامركزي في توزيع المؤسسات الثقافية في مدن الإقليم، فدور نشر الكتب موزعة على المدن الثلاث السليمانية وأربيل ودهوك كما ان مديريات للسينما وأخرى للمسرح استحدثت في كل محافظة لإلغاء حلقات الروتين ومنح المثقفين سلطة الإدارة والقرار في كل مدينة بعيداً عن المركزية المقيتة.
ولا ننسى ان السينما الكردية تطورت بشكل انعطافي في السنوات الأخيرة وثمة مشاركات كردستانية في اغلب المهرجانات السينمائية في دول الخليج وفي لندن والعواصم الأخرى, وفاز عدد من الأفلام الكردية بعدة جوائز .
إن المنجز الثقافي الكردستاني إذ يعبر الحدود فإنه يحقق للفنان والأديب والمثقف طموحه المشروع في الانتشار على أوسع رقعة, مثلما يؤدي إلى التعارف والتواصل وفتح باب للترجمة من والى اللغات العالمية ويخلق بيئة صحية للمثقف الكردستاني للاحتفاء به في التجمعات والمنابر الثقافية العالمية.
إن الثقافة عطاء إنساني متنور ومتجدد وحامل لرسالة شعب للمساهمة في الحضارة الإنسانية, لذلك فإنها بقدر انتشارها وبقدر إضاءتها واخضرارها وتنوعها تكون قد أدت مهمتها المحورية في تنمية المجتمع في الداخل وتقديم أداء جيد مشارك في الحضارة التي كانت دائماً وستبقى قائمة على روافد لاحصر لها وعلى مصادر معرفية كثيرة. إذن فتجول المهرجانات الثقافية الكردستانية حول العالم لا يؤدي إلى التعارف والتفاعل فحسب, بل يقدم إسهامة جادة في التراكم المعرفي الإنساني المتكون من عطاء كل شعوب الأرض.