TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > المهيب الركن حسين الشهرستاني

المهيب الركن حسين الشهرستاني

نشر في: 14 فبراير, 2014: 09:01 م

احد الأصدقاء قال لي انه يفتقد هذه الأيام صوت الفريق الركن قاسم عطا، الذي شغل منصب ناطق رسمي لأكثر من جهة أمنية.
 الصديق الذي أشار الى حالة ظهور اكثر من ناطق يتحدث عن المعارك التي تدور في الانبار، ضحك وهو ينبهني الى تصريح اطلقه نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني شرح فيه لعدد من الصحفيين مهمات القوات المسلحة وخططها في الفلوجة، فقد قال الشهرستاني:" ان التوجيهات التي صدرت هي ان يحاصر الجيش المدينة، ويمنع دخول وخروج السلاح والمسلحين والعتاد اليها، فالخطة الحالية هي التضييق على المسلحين الموجودين لحين نفاد السلاح والعتاد".
وانا اقرأ تصريح الشهرستاني تساءلت هل أصبحت الرتبة العسكرية حلما يراود معظم السياسيين، فقد عشنا من قبل مع مسؤولين لم يكونوا عسكريين ولكن، جيء بخياطين ليصمموا لهم بدلات مليئة بالنياشين والأوسمة، ليقفوا بعدها أمام مصورهم الخاص يلتقط لهم صورة توزع في الدوائر والمدارس والمصانع، وفي البيوت حيث تعلق اتقاء لشر المخبرين، ظل العسكر لعقود طويلة يطلون علينا من كل مكان يرمون بالجميع في السجون، رافعين شعارات من عينة "العدالة والمساواة وتحرير آخر شبر من تراب فلسطين"، عصر العسكر هو العصر الذي كان البعض فيه يغير فيه البدلات العسكرية مثل عارضات الأزياء،عصر أزياء المهيب الركن بطل النصر والسلام، عصر الإذاعات التي تُسبح بحمد القائد، تلك هي صورة العراق، بعدها كانت الناس تأمل أن تقوم صورة الدولة الحديثة على فكرة تقاسم السلطات والفصل بينها بحيث تمنع ظهور ساسة جدد يسرقون من الجيش زيه ومكانته ودوره في حفظ امن واستقرار البلاد، وقد دفع العراقيون جميعا الثمن غاليا من اجل التغيير والديمقراطية، ولم يدر بخلدهم يوما أن تتحول الرتبة العسكرية الى مزاد تمنح فيه الرتب لمن يسبح بحمد القائد العام للقوات المسلحة، حتى اصبح لدينا اكثر من 80 فريقا وأكثر من 200 لواء، وهو الأمر الذي لم يحصل في أقوى قوتين عسكريتين في العالم هما روسيا وامريكا.
وانا اقرأ تصريح الساعي لرتبة مهيب ركن، حسين الشهرستاني، تذكرت محاورة شهيرة أجراها الصحفي المصري محمد حسنين هيكل مع الماريشال مونتغمري بطل (حرب العلمين) والتي وردت في كتاب هيكل " زيارة جديدة للتاريخ " يذكر هيكل ان مونتغمري استغرب ان يحصل عبد الحكيم عامر نائب الرئيس المصري انذاك، على رتبة ماريشال.. فالرتب تمنح لمن يحقق انجازا عسكريا في ساحات القتال لافي المكاتب المكيفة (حسب قول مونتغمري.)
ويضيف هيكل ان بطل حرب العلمين أثار في حواره معه مشكلة تعاني منها بلدان العالم الثالث، هي مشكلة العلاقة بين العسكريين والمدنيين، وقد بدأ حديثه بتذكر خلاف حدث بينه وبين ونستون تشرشل رئيس الوزراء البريطاني إبان الحرب العالمية الثانية، راويا أن تشرشل أرسل إليه أثناء اندلاع معركته مع الجيش الألماني بقيادة روميل يطلب منه غاضبا أن يتحرك بالهجوم ولا يكتفي بخوض معركة دفاعية، ليرد مونتغمري عليه ببرقية أملاها على مساعده قال فيها بالنص "إنني أرجو أن يظل رئيس الوزراء في مكانه وأن يترك لي مكاني" ثم أضاف مونتغمري قائلا: "لا أحب الساسة حين يتحولون إلى جنرالات، وأيضا لا أحب الجنرالات حين يتحولون إلى ساسة."
وأسأل السيد الشهرستاني، إذا كنا نتحدث عن عهد جديد شعاره الديمقراطية والشفافية، وإذا كنا نعتبر أننا أمام قيادة عامة للقوات المسلحة، تضم ضباطا كبارا، فلماذا اذن يخرج علينا كل يوم أشخاص لا يمتون بصلة إلى الدفاع او الداخلية؟ لكنهم يخوضون في الشأن الأمني والعسكري.
إن المشهد السياسي العراقي اليوم مليء بعناصر الألغاز والإثارة والتناقض، فالقادة الأمنيون وجيش الفرقاء الركن والجنرالات آثروا الصمت، فيما نجد نائب رئيس الوزراء لشؤون النفط والكهرباء ومعه العديد النواب يحاولون ان يجعلوا من انفسهم ناطقين باسم الجيش والشرطة والاستخبارات وحتى الانضباط العسكري.
ايها السادة المهيبون إلى متى سنتحمل بياناتكم وخطبكم.. الى متى نعيش مع ساسة ومسؤولين ليست أمامهم إلا مكاتب يترك في ادراجها الفاشلون الذين سرقوا أعمارنا خطاباتهم وأدواتهم ميراثا لفاشلين جدد؟ !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram