اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > من يعرف سميعة الغلاب وأخواتها ؟

من يعرف سميعة الغلاب وأخواتها ؟

نشر في: 15 فبراير, 2014: 09:01 م

قد نختلف أو نتفق مع مجلس النواب الموقر، لكن علينا أن نقر أحيانا بأن العديد من أعضائه " المبجلين " يتمتعون بروح الفكاهة والدعابة، إضافة إلى صفة الإصرار وعدم اليأس على إثارة مشاعر بسطاء الناس، والدليل على ذلك أنهم -اعني السادة النواب - لا يزالون مصرين ويقسمون بأغلظ الأيمان ، أنهم خدعوا في ما يتعلق بالفقرة الخاصة بتقاعد النواب ، لانهم اصلا لايسعون الى " خردة " التقاعد ، ما دام قانون الخدمة الجهادية سيرى النور قريبا.
في كل يوم نشاهد نوابا وسياسيين غير مؤهلين والبعض منهم يرتكب أخطاء قد تقود إلى كوارث مثل موجة الشحن الطائفي التي مارسها ويمارسها الكثير منهم ، مصحوبة بحملات استعداء منظمة ضد الآخرين، وهي امور تعود عليها العراقيون لكن ان يصل الامر بنائب ان يعترف انه لا يمارس مهامه في البرلمان ، وان الاعلام " الخبيث " زج باسمه في قضية تقاعد النواب ، بينما هو في الاصل نائم في احدى دول الجوار، فهذه قضية تحتاج منا الى وقفة ، ففي تصريح كوميدي قالت النائبة سميعة الغلاب - ربما تسمعون هذا الاسم للمرة الاولى- إنها سترفع دعوى قضائية ضد من اتهمها بعملية التصويت على قانون التقاعد، وتابعت السيدة النائبة " الغائبة " ان ذكر اسمي ضمن المصوتين على قانون التقاعد عار عن الصحة"، واضافت ويا ليتها لم تضف انها لم تحضر جلسات البرلمان منذ مدة طويلة.
عندما قرأت الخبر تحسست راسي لاتاكد أن عقلي لا يزال في مكانه الصحيح، لان البعض اعتقد وأنا منهم أن نوابنا الاشاوس يفترضون أن الشعب مجموعة من المختلين عقليا، أو أننا شعب مصابون بداء عضال يجعلنا نرى هلاوس وضلالات على أنها حقائق..
وحين تأكدت من خلال ما سرّب إليّ أن السيدة سميعة، لم تكن وحدها التي اطلقت هذا التصريح الثوري ، وان لها اخوة واخوات تبرأوا من البرلمان واعلنوا انهم لم يعتبوا بابه منذ اشهر، أيقنت أن الكوميديا يمكن أن تتحول بلحظة واحدة إلى مأساة حين يختلط فيها الواقع بالخيال.
اذن ايها العراقيون لا مفاجأة على الإطلاق، أن نحصل على المراتب الأولى للدول الأكثر فسادا ورشوة وتزويرا ومحسوبية وانتهازية سياسية، ما المفاجأة وبرلماننا المنتخب قرر اعضاؤه التبرؤ منه ، واعلنوا انهم في رحلة استجمام وسط بحر من فوضى التصريحات، البعض نزل إليه مختارا بإرادته، وآخرون سيقوا إليه كالببغاوات، شعارات هنا وخطب هناك ملوثة بالجهل والتعصب تزيد الحرائق اشتعالا.
ربما سيتهمني البعض بالتجني على السادة النواب لكني كنت اتمنى - والتمني بضاعة المفلس - لو أن السيدة سميعة بدلا من ان تشتم الاعلام وتتهمه بزج اسمها ضمن الموقعين، ان تعترف وبجرأة بالأخطاء التي رافقت عمل مجلس النواب ، وبالأداء الكاريكاتيري للعديد من البرلمانيين والتي يدفع ثمنها الناس كل يوم، والا تقول لنا ان غيابها نوع من الديمقراطية التي سيستفيد منها العراقيون جميعا، ولأن هذا لم ولن يحدث، فالذين تولوا الأمور لا يعرفون الشبع، منزوعو الهوية الاجتماعية والضمير الإنساني.
سيقول البعض متهكما، وماذا بعد؟.. هل دخول السيدة سميعة واخواتها قبة البرلمان سيعيد الاستقرار السياسي للبلاد، وان السيدة النائبة سواء مارست عملها التشريعي ام لم تمارس، لن تفرق كثيرا، بل ان دوامها سيكلف الميزانية الكثير من الاموال، كما انها ستعطل مصالح الناس، وتشيع بالجو كميات اضافية من الخطب التي من شأنها أن تفاقم أزمة الاحتقان السياسي، فما الذي سيجنيه الناس من برلمان يعيد الى مسامعهم الخطب نفسها ، وتمتلئ شاشات الفضائيات بمعارك تاريخية غير مسبوقة، وتتحول جلساته إلى مناكفات شخصية ومشاحنات بين الجميع. من المؤكد أن كثيرا من العراقيين يشعرون بالحسرة وهم يشاهدون كل يوم أمما وشعوبا كثيرة تتحرك لتعديل أوضاعها، أو تصحيح بعض الأخطاء في مسيرتها، ما يفرقنا عن هذه الأمم التي تسعى دوما إلى تصحيح أوضاعها المتردية أنهم يملكون قوى حية وفاعلة للتغيير، وليس نواباً على شاكلة السيدة " الغائبة " وأخواتها.
وفي أوضاع كهذه، من حق العراقيين ألا يبالوا بحضور السيدة سميعة واخواتها ، وان لا يقعوا في غرامهن، والسبب لأن بضاعتهن قديمة وبالية، ولا تناسب مطالب الناس بالعدالة الاجتماعية وبالإصلاح السياسي، فهي بضاعة مزيفة لا يمكن لمواطن ذكي أن يقتنيها.
هل توجد مسرحية هزلية اكثر من المشهد الذي قدمته النائبة سميعة ، لكننا ايها القراء الاعزاء لا نضحك، فما الذي حدث لنا؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. علي السالم

    لاتتعجب استاذ علي ولاتحسس لتتأكد ان راسك موجود ام لا .انها نائبة من نوائب الدهر .

  2. خليلو...

    لا عجب أبدا ،فان المومى اليها وكثيرين من أقرانها او أمثالها فحولا ونساوين يصدق فيهم قول الشاعر: ما زاد حنون في الاسلام خردلة. ولا النصارى لهم شغل بحنون ... ان البرلمان لا بارك الله فيه عاجز تمام العجز في اداء الوظيفة البرلمانية كبرلمان جدير بحمل

  3. داخل السومري

    ارجو السماح لي بان اجلب انتباه مجلس الحراميه الغير موقر الى ما يلي:يجب ان تعلموا يا حراميه ان هذه فرصتكم فرصة العمر استغلوها لان هذا الشعب الذي تدعون تمثيله قد احطته النوائب والمصائب والكوارث التي اصابته لعقود.وانتم الان يا حراميه ويا ارهابيون تمثلون الان

  4. حنا السكران

    انها لم تكن في مسرح الجريمة حين حدوثها ولكنها تعترف انها حرامية وتستلم رواتب سحت دون مجهود قبل التصويت على القرار ...لو كانت تظهر في الاعلام اسماء البرلمانيين المتغيبين عن الجلسات لكنا سمعنا بها.

ملحق منارات

الأكثر قراءة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

العمودالثامن: نواب يسخرون من الشعب

متى تتكلم الأغلبية الصامتة؟ وماذا بعد قانون الأحوال الشخصية؟

مأساة علاقات بغداد وأربيل..استعصاء التجانس واستحالة التفارق

العمودالثامن: شجاعة نائبات

 علي حسين إذا كنت مثلي مجبراً رغم أنفك، على سماع أخبار هذه البلاد العجيبة، فإن هناك جيشاً قوامه العشرات من المدونين ، يشن حملة ضد محامية ذنبها الوحيد أنها دافعت عن قانون الأحوال...
علي حسين

قناطر: الشعر هو ما يجعلنا نحلم

 طالب عبد العزيز قليلاً ما أكتب الشعر في الصيف، بل هو لا يأتيني فيه، فأنا أكره الحرَّ والشمس اللاهبة، ذلك لأنني رجل شتوي بامتياز، أحبُّ البرد والرياح القارصة والمطر والثلوج، ولا أجمل من...
طالب عبد العزيز

فلسفة الحكم في العراق

محمد حميد رشيد الحكم في العراق مبني على شعارات مجردة وفرضيات مبهمة وعواطف ملتهبة وعلى قواعد عامة لا تكفي أن تكون نظام لتسيير مؤسسة صغيرة وليست دولة كبيرة. وهناك من يقول ان الدستور هو...
محمد حميد رشيد

العراق: أحوال شخصية ام تكريس لظاهرة السلطة الموازية؟

حارث حسن واجهت معظم الدول الإسلامية الحديثة إشكالية التناقض بين مبادئ وأحكام الفقه الإسلامي (الذي يستخدم خطأً باعتباره مطابق للشريعة)، وبين المبادئ التي تقوم عليها الدولة الحديثة. يتعلق الأمر بمسألة شرعية هذه الدولة، والتي...
حارث حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram