TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "كركدية" لشباب الفلوجة

"كركدية" لشباب الفلوجة

نشر في: 16 فبراير, 2014: 09:01 م

البتاويين وسط العاصمة بغداد ليست بعيدة عن المنطقة الخضراء ، وبإمكان المسؤولين والساسة الوصول اليها بعبور جسر الجمهورية مشيا على الأقدام ، ان استطاعوا ذلك، طلبا للأجر والثواب ، ولضمان الحصول على المزيد من أصوات الناخبين ، البتاويين استقبلت مؤخرا عشرات الشباب النازحين من قضاء الفلوجة بحثا عن العمل ، ليوفروا لأسرهم النازحة والساكنة حاليا في منازل تحت التشييد "هياكل " في قضاء هيت وغيره من مدن الأنبار، موارد مالية ، لحين العودة الى ديارهم .
شباب الفلوجة وجدوا فرص العمل في المطابع وورش تصليح السيارات والمعدات الميكانيكية ، وبعضهم ممن يجيد أعمال البناء ، لجأ الى المسطر بقرب جدارية فائق حسن لتقديم خدماته لقاء مبلغ 25 الف دينار يوميا ، 5 منها تذهب لصاحب الفندق ، وبمقدارها للطعام والسجائر وشرب الكركدية و ما تبقى من المبلغ يجمع أسبوعيا ليبعث به الشاب الى أسرته النازحة .
الشباب لا ينتابهم ادنى شعور بالخوف والقلق من العمل في أية منطقة في بغداد ، "شيعية كانت ام سنية" فهم غير معنيين إطلاقا بتقسيمات استحدثها الاحتقان الطائفي وسعى الى تكريسها من يدعي حق الأغلبية في حكم الأقلية ، في الزمن الديمقراطي العراقي ، انهم معنيون فقط بالحصول على أجرهم اليومي ، وتوفير اكبر قدر من المال ، باعتماد التقشف وشد الحزم على البطون بتناول الطعام في مطاعم السودانيين ، ثم التوجه الى الفندق والنوم في ساعة مبكرة استعدادا ليوم عمل جديد ، وليس فيهم من يتابع الفضائيات وما تبثه نشرات أخبارها من أنباء عن أحداث الرمادي والفلوجة لوصولهم الى قناعة أكيدة، بان المشكلة معقدة ، بعد ان أصبحت مدينتهم رهينة بيد عناصر التنظيمات الإرهابية .
يمثل محافظة الأنبار ومدينة الفلوجة بالتحديد اكثر من عشرة نواب في البرلمان العراقي ، تصريحاتهم اليومية، تؤكد أهمية اعتماد الحل السلمي للمشكلة ، ويدعم موقفهم آخرون يمثلون محافظات أخرى فضلا عن العاصمة بغداد ، لم يفكر احدهم بزيارة النازحين في قضاء هيت والتعرف على أوضاعهم ، وقد يكون انقطاع الطريق والاتصالات سببا في ذلك ، وبإمكانهم زيارة البتاويين وبالتحديد "مقهى السودان " للتعرف على شباب الفلوجة ، واحتساء الشاي و"الكركدية" معهم والحديث عن أوضاعهم ، ولاسيما ان زيادة أعدادهم في المنطقة ، قد تعرضهم لمضايقات من جهات معينة لا ترغب في وجود عدد كبير من النازحين من الفلوجة في بغداد، وخاصة من الشباب فقد يكون احدهم مرتبطا بتنظيم داعش ، جاء الى العاصمة لينفذ عملا إرهابيا ، يستهدف المدنيين او السوادنيين المقيمين في بغداد منذ عقد الثمانينات في بغداد ، ومنهم نادل المقهى المتخصص الوحيد في أعداد" الكركدية" شاي الكجرات الأحمر .
شباب الفلوجة بعضهم يحمل شهادة جامعية لا يعول احدهم على سياسي او مسؤول لضمان عودتهم الى مدينتهم ، وعمال البناء منهم في مناطق الحسينية ، والبلديات ، ومدينة الصدر والشعب وغيرها ، وجدوا من أهلها الرعاية والاحترام والتقدير ، ولعنوا" ساعة السودة " يوم صعد نائبهم منصة الاعتصام ، وآخر اعتلى بناية المطعم التركي ، ليشعلا نيران الانقسام الطائفي ، ولا حل لمشكلة الفلوجة الا بشرب "الكركدية" بصحتك مولانا .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram