TOP

جريدة المدى > مقالات رئيس التحرير > السيد حين يستقيل من مسؤوليته..! ..أن تــعـزل نـفسـك كـأنـك تبــايـع المالـكي لـولايـة عــاشرة..!

السيد حين يستقيل من مسؤوليته..! ..أن تــعـزل نـفسـك كـأنـك تبــايـع المالـكي لـولايـة عــاشرة..!

نشر في: 17 فبراير, 2014: 09:01 م

مثل كل الأشياء التي يصطدم بها العراقي، صباح مساء، وقد فقدت معانيها، فوجئنا بالسيد مقتدى الصدر وهو يعلن تخليه عن اي مسؤولية سياسية، ويُجرد نفسه من رعاية التيار الذي كان وراء تأسيسه وتوجيهه، مما يضع أقطاب هذا التيار وقياداته في حالة من فقدان التوازن وا

مثل كل الأشياء التي يصطدم بها العراقي، صباح مساء، وقد فقدت معانيها، فوجئنا بالسيد مقتدى الصدر وهو يعلن تخليه عن اي مسؤولية سياسية، ويُجرد نفسه من رعاية التيار الذي كان وراء تأسيسه وتوجيهه، مما يضع أقطاب هذا التيار وقياداته في حالة من فقدان التوازن والحضور، والتنصل من المسؤولية عما آلت اليه البلاد سياسيا وأمنيا من المشارفة على شفا الانهيار، وهم أربعون نائباً وسبعة وزراء، وعدة محافظين مع مئات القيادات والكوادر في مجالس المحافظات وتفرعاتها في كل أنحاء البلاد.

وكان من الممكن ان يفعل ذلك، لو كان الامر يتعلق بخلاص شخصي لا تبعات عامة له، فيستريح ويرفع عن نفسه تبعات ما يتعرض له الناس من الويلات والانتهاكات واستنزاف الطاقات البشرية والثروات على أيدي من وجد متلبساً بشهوة السلطة، وفريق حوله لا يكلّ من تهديم ما تم إنجازه، على قلته، بتوافق هو الآخر كان موضع تساؤلٍ وتمنعٍ، لولا الأمر الواقع الذي وجد العراقيون انفسهم امام القبول به على ازدراء وكراهةٍ منهم. 
كان السيد مقتدى الصدر معنياً، بوصفه قائد تيارٍ سياسي، منذ ان وضع التيار، بعد سقوط النظام الدكتاتوري السابق، في إطار ما جرى التعارف عليه كـ"عملية سياسية"، وارتضى للتيار أن يكون "جزءاً مكوناً، وفاعلاً في التحالف الشيعي "الحاكم الفعلي للعراق"، مذاك. وهو تحالف يتحمل المسؤولية السياسية والاخلاقية عن التراجع والانحسار والفساد المستشري في البلاد، وهو المعني بكل ما يتحمله العراقيون من ضياع فرص العيش بأمان وكرامة وحدٍّ ادنى من الظروف الإنسانية. 
لم يكن السيد، ومعه التيار الصدري، منسجماً ومتوافقاً مع الحالة التي انتهى العراق اليها في ظل حكمٍ فردي جائرٍ منفلتٍ من أي ضابطٍ دستوري او رادعٍ أخلاقي، لكنه ظل طرفاً متضامناً في التحالف الوطني الشيعي، وجزءاً من الحكومة والتكوينات السياسية المقررة في المحافظات. 
والعراقي، لم يَعُد يولي كثير اهتمامٍ لما يدور وراء الكواليس وفي الاجتماعات المغلقة. كما لم تعد تعنيه قليلاً او كثيراً المواقف السيارة، والصخب والضجيج اللذين يرافقانها، بل ينتظر الفرج من الحالة المضنية التي صار في كماشتها القاتلة، وهو يعرف حق المعرفة ان من بيده الحل والربط في استمرار حالته او خلاصه منها، هم المتبارزون على السلطة داخل التحالف وليس خارجه، كما يجري ايهامه به بين فترة وأخرى. والسيد مقتدى وتياره طرفٌ ماكنٌ في آليات استمرار الحالة، او النفاذ منها الى شاطئ الامان المرتجى.
أن يتخلى السيد عن المسؤولية في هذا الظرف العصيب، ونحن على بعد اسابيع من الاستحقاق الانتخابي التشريعي، فكأنه يعلن سلفاً، بغض النظر عن النوايا التي لا يعرف خفاياها سوى عالم الغيب، أن الامل في اي خلاصٍ ليس سوى أضغاث احلامٍ، أو سراب، دونه السباحة عكس التيار، وسط عاصفة هوجاء. 
واذ يتخلى السيد، او يعلن الاستقالة، عن مسؤوليته الوطنية، فإنه يترك من وضعهم في مواقع المسؤولية باسم الشعب الذي وضع فيهم الثقة ليس بمعزلٍ عن الثقة به شخصياً وبما يمثله من امتدادٍ، امام ضياعٍ لا سابقة لهم بما يترتب عليه، او يترك لهم خيار الانحياز الى الكفة التي يرون فيها "المصلحة"! ولكن مصلحة من؟ وقد دفعه الى الاستقالة عن المسؤولية، إحساسٌ بالمرارة منِ غدر نفرٍ انحازوا الى "مصالحهم الشخصية" على حساب مصالح الناس، وعلى حساب المسؤولية الاخلاقية التي كان عليهم الحفاظ عليها امام اي اغراءٍ دنيوي، لحمته وفحواه الفساد، وتجنب سبيل السواء.
السيد مقتدى، بتخليه عن المسؤولية، يُبرئ ساحة المقصرين من كتلته، أو من اصطفوا مع الفريق الحاكم، ويظلم من لم يتخلّ عن الواجب، ولم يرتض لنفسه الانجرار وراء إغراء المال ومفاسد الامتياز الحرام، على حساب ارادة العراقيين وتوجيه قيادته. 
السيد مقتدى، وهو يستقيل، انما يقرر-حاشى له- التخلي عن مسؤوليته الوطنية، في تبرئة ذمته ممّا يراه العراقيون، ورطة وضعهم فيها التحالف الوطني الشيعي. 
وهي ورطة مضاعفة اذا لم يبادر السيد مقتدى وجميع اطراف التحالف الوطني، بمن فيهم قادة مهمومون من حزب الدعوة، الى تجنيب العراق انهياراً محتوماً على يد من قاد البلاد من أزمة الى أشد منها، ومن مغامرة الى اكثر وبالاً منها، ومن حطّ من كرامة العراقي بقدرٍ وسوّد الدنيا في عينيه، حتى صار الأمل نفسه سحابة صيف..
هل يقبل السيد بمثل هذا المصير للعراقيين..؟!
 
•في عدد الخميس: الحلقة ١٢ من سلسلة "صناعة التطرف" بقلم رئيس التحرير

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. علي السالم

    لااتصور ان ابتعاد السيد مقتدى الصدر للاسباب التي اعلنها لكني ارى ان اعتزال السيد الصدر هو الخطوة الاولى ليكون مرجعا دينيا مستقلا عن باقي المرجعيات الاخرى سيما وانه تم اطلاق مصطلح الحوزة الناطقة في بداية الاحتلال على مرجعيته ان صح التعبير وتأكد ذلك بخطابه

  2. ابو سجاد

    اثنان لاثالثا له اما بايع المالكي واهداها له واما ضغوط ايرانية كونه اعلنها بالانسحاب الاول حيث صرح ان التيار يعاني من ضغوطات خارجية للقبول بالامر الواقع

  3. الدكتور حميدالعباسي

    الاستاذ فخري كريم المحترم السيد لم يستقيل بل قام بعملية تقييم العملية السياسية بما لها وعليها , معتبرا لها اقل من مستوى تضحية ونضال آل الصدر, كون مخرجات العملية السياسية لم تخدم الفرد العراقي في تقديم له الخدمات , ولا تنمية القطاعات الاقتصادية ، الصناعة ،

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram