نتائج الانتخابات التشريعية المقبلة وطبقا لقواعد وأصول العملية الديمقراطية واردة الناخبين ستزيح العديد من أعضاء البرلمان الحالي ، ليلتحقوا بأسلافهم لفشلهم في الحصول على أصوات الناخبين ، والأمر طبيعي جدا ، ولابد للمرشح وخاصة اذا كان برلمانيا اليوم ان يتقبل النتائج بروح رياضية ، ويتعاطى مع ما يعرف" بخرط السوك" بأسلوب حضاري يكشف عن إيمان "المخروط" بمبادئ الديمقراطية.
مصطلح "خرط السوك " يتداوله العراقيون منذ زمن بعيد للتعبير عن عجزهم في مواجهة المفاجآت غير المتوقعة، ومن نتائجها في اغلب الأحيان التعرض الى الإصابة بضربة "بوري معدل على اليافوخ" بخسارة تجارة او فقدان حاجة ثمينة او ضياع ثروة او الفشل في الاحتفاظ بالمقعد البرلماني ، وللتقليل من الضربة والصدمة ، هناك العديد من النصائح للتعامل معها ، منها الابتعاد عن العمل السياسي ، وتوجيه الشتائم للقواعد الشعبية ، والإقامة في عاصمة خارجية ، والعلاج الأكثر فاعلية التفرغ لكتابة المذكرات.
الساسة العراقيون من الجيل السابق أثناء كتابة مذكراتهم حرصوا على تشخيص أخطاء الآخرين ، وتحميلهم مسؤولية الفشل سواء داخل الحزب الواحد او في مجمل مسار العمل السياسي في العراق منذ عشرات السنين ، وأصحاب المذكرات كانوا ملائكة او هكذا يعتقدون ، حين بالغوا في متابعة ورصد أخطاء غيرهم ، وتناسوا تشخيص أسباب الأزمات حين يكون احدهم سببا في اندلاعها وإشعالها فتجاهلوا الاعتراف بالخطأ ، وعلقوه على شماعات الآخرين .
المرشحون من أعضاء مجلس النواب في حال لم يحصلوا على أصوات الناخبين وإذ يصابون بمظاهر "خرط السوك" سيتهمون في مذكراتهم أطرافا خارجية وإقليمية بالوقوف وراء فشلهم في الوصول الى البرلمان الجديد ، وسينشرون غسيل رفاقهم من الحلفاء بالنقد والتجريح والتشهير والخيانة ، فيما سيسلطون الضوء على بطولاتهم وصولاتهم ، وإطلالاتهم اليومية عبر شاشات الفضائيات للدفاع عن أسيادهم من المسؤولين الكبار ورؤساء كتلهم .
من فضائل الساسة القدماء انهم دونوا ذكرياتهم على الورق ، ووفروا للجيل الجديد فرص الاطلاع على الأوضاع السياسية في مراحل سابقة ، وخرج الجيل الجديد بحصيلة ان الإصرار على الغاء الآخر سمة بارزة في الحياة السياسية ، ووصل الحال الى حد إنشاء المزيد من المعتقلات لاستيعاب السياسيين المعارضين ، وتصفية أعداد كبيرة بإحكام الإعدام بتهمة معارضة السلطة وحزبها القائد ، في ذلك الوقت لم يكن مصطلح "خرط السوك" شائعا ومتداولا في العراق، وما يشهده اليوم من أحداث وخلافات، وأزمات تتناسل مثل الفئران والأرانب، يوفر الفرص لمن يبحث عن الذات في كتابة ما يراه مناسبا بحق من كان سببا في ضياع المستقبل السياسي لمن انفق نصف ثروته على دعايته الانتخابية ، فخانته قاعدته الشعبية ، وحتى رئيس قائمته لحرمانه من الحصول على المقعد التعويضي .
يقال ان كتب المذكرات هي الأكثر طلبا ورواجا بين القراء ، وكتاب يسلط الضوء على "مصايب المرحلة" سيحقق مبيعات واسعة بإمكانها ان تعوض الأضرار المالية لمن أصابه "بوري معدل يوم خرط السوك ".