لم يكن للانقلاب الذي حمل الشيخ تميم بن حمد إلى الموقع الأول في مشيخة قطر أثر إيجابي على أكثر دول العالم ثراءً نظراً لما ورثه خريج ساند هيرست البريطانية من سياسات والده الطامحة المبنية على الثراء الفاحش بالتحول إلى قوة إقليمية فاعله من خلال دعم الإسلام السياسي للوصول إلى مواقع السلطة في دول الربيع العربي وهي تجربة منيت بالفشل الذريع وأسفرت عن علاقات متوترة مع محيط قطر الخليجي والعربي إن لم نقل إن صورتها اهتزت في العالم الغربي نتيجة لهذه السياسة الحمقاء، وعلى الصعيد الداخلي يواجه الشيخ الجديد معارضة من نوع مختلف حيث تعلو أصوات ترفض الاستيراد الكامل للثقافة والمؤسسات التعليمية الغربية.
بثروة عصية على التصور رغم ما أنفق منها من مليارات لتلبية مطامح عصية على التحقق، يحاول الشيخ الجديد تسيير العجلة حيث المشيخة البالغ عدد مواطنيها قرابة الربع مليون مواطن يستخدمون قرابة الثلاثمائة ألف أجير لتلبية حاجاتهم وتمتلك صندوقاً سيادياً للأجيال القادمة تجاوزت موجوداته 115 مليار دولار قبل عام ي نهاية عام 2012، وهو اليوم يوظف هذه الثروة الأسطورية في استثمارات حول العالم شملت البنوك ونواد لكرة القدم في أوروبا، وعقارات في قلب العاصمة البريطانية لندن حيث تقع أحد أكثر العقارات الأعلى سعرًا في العالم، ومع ذلك كان ممكناً لتلك المشيخة دعم المتشددين في سوريا وليبيا ومصر بملايين الدولارات.
بعد كل هذا الإنفاق التبذيري آلت السلطة للشيخ تميم ورافق ذلك مخاوف ذات طابع مالي وبحيث وجدت المشيخة نفسها مجبرة على تقليص أو شطب بعض النفقات التي كانت تبذر بسفاهة كمهرجانات الأفلام والإذاعات الدولية وصولا الى البرنامج الوطني للأمن الغذائي، وذلك استجابة لنصائح خبراء اقتصاديين بضرورة العودة الى الحاسمة لسياسات الادخار التي تجنبتها خلال الأعوام السابقة في سباقها المحموم لتكون رقما مهما في المنطقة ولإبراز اسمها على المستوى العالمي من خلال استضافة كأس العالم 2022 وإنفاق عشرات المليارات على البنى التحتية التي يتطلبها إقامة المونديال، حيث تقلص عدد الملاعب التي كانت تنوي إنشائها إلى ثمانية بدلا من اثني عشر ملعباً، ومع هذا التقليص فان حاكم قطر الجديد لا يبدو قادراً أو مستعداً للتملص من هذا الاستحقاق، على أن يترافق ذلك مع تخفيض حقيقي في مجالات أخرى ليست ضرورية أو مهمة لإرضاء المواطنين الغاضبين من سياسات والده ووالده التبذيرية.
بمقارنة بسيطة وعادلة بين ما وصلت إليه قطر وما بلغته دبي، مع الفارق الهائل في مصادر الدخل عند كليهما، سنكتشف أن دبي التي تفتقر للإنتاج النفطي قد تجاوزت في تقدمها كل ما عجزت قطر عن بلوغه، يعود ذلك إلى العقلية التي أدارت كلاً منهما، جنون العظمة والدور المستحيل الذي تلبس مشيخة آل ثاني، قاد إلى عزلة لن تبددها ملايين الدولارات، وإلى ارتهان لرؤى جماعة الإخوان المسلمين، لن تدرك الدوحة نتائجه إلاّ بعد أن ينقلب السحر على الساحر، وعندها سيتحول شيوخ قطر إلى مجرد تجار لم نختبر مهارتهم في هذا المضمار، وسينسون بالتأكيد أحلام النفوذ التي اتكأوا فيها مرةً على طهران وأخرى على واشنطن دون أن ننسى المرور المستمر بتل أبيب.
مشيخة قطر .. أي مستقبل؟
[post-views]
نشر في: 21 فبراير, 2014: 09:01 م