اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لماذا حيدر الملا فقط ؟

لماذا حيدر الملا فقط ؟

نشر في: 21 فبراير, 2014: 09:01 م

ما هذه المهزلة.. لم نكد نفيق من معركة حذاء عالية نصيف، حتى باغتتنا صولة الاجتثاث، ولم تنته خطبة النائب هيثم الجبوري (نهر الفرات لنا)، حتى شمر الجميع عن سواعدهم في حروب الامتيازات ، يخرج علينا وزير حقوق الانسان صباحا  ليبشرنا بان  الزراعة في العراق تطورت، فيما يطل مساءً وزير العدل ليخبرنا بان هروب السجناء مجرد هفوة  بسيطة، اطمئنوا.
مشاهد تتكرر يوميا وعلى مدار السنة، ولأننا شعب طيب ومحب للمرح فقد تعاملنا مع هذه التصريحات وغيرها باعتبارها نوعا من التسالي، على أساس أن السادة المسؤولين لم يصادروا حقنا المفترض في أن نتسلى معهم ، فقد تركوا مشاكل البلد معلقة، ليشغلوا أنفسهم ويشغلونا بمعارك جانبية، ولتتحول الممارسة الديمقراطية في العراق من ممارسة حضارية تستند إلى القانون، ووسيلة لخدمة الناس، إلى حروب ومعارك شيطانية تكتب في النهاية شهادة وفاة للعراق الجديد.
اليوم نعيش أجواء "انتهازية" أضرت وتضر بالحرية والعمل البرلماني، وسياسة تحولت خطابا طائفيا مقيتا، ربما سيقول البعض إن الجدل والخلاف السياسي من طبيعة الأنظمة الديمقراطية، وان الاختلاف بين الجميع حق دستوري، لكن أن يصل الاختلاف إلى التخوين والاتهام بالتآمر فهذا يعني أننا نعيش مرحلة الغيبوبة السياسية، وارتفاع في مؤشر الجنون إلى أعلى نقطة، واندفاع في قطار الطائفية المقيتة والحزبية الضيقة في اعنف صورها.
من حق بعض الجهات السياسية  ان تطالب  بمراجعة ملفات النواب والمسؤولين، ومن حق القضاء ان يصدر قرارات تمنع سياسيين من الترشيح للانتخابات، لكن ليس من حق الاثنين الضحك على عقول الناس،  فقبل أشهر من هذا التاريخ كان ائتلاف دولة القانون يناضل من اجل  تمرير أسماء عدد من المرشحين ممن  لهم ملفات في هيئة المسالة والعدالة، والكل يعرف جيدا ان نوابا ومسؤولين كبارا في الدولة ومقربين من رئيس مجلس الوزراء ورئيس البرلمان لم تقترب منهم جرافات هيئة المساءلة والعدالة، ومن باب تنشيط ذاكرة القارئ فقط، اذكر بان الكثير من ملفات الاجتثاث والفساد التي تتعلق ببعض النواب لم تفتح، ولم يتم الاقتراب منها، كون هؤلاء لم يشكلوا حتى هذه اللحظة صداعا للمراة الحديدية حنان الفتلاوي، ولا تجرأ أحد منهم وطالب باستجواب وزير ينتمي الى كتلة رئيس مجلس الوزراء، ولأن العديد منهم ارتضى بان يكون مجرد خيال ماتة في مجلس النواب  ليتسنى له الاستمرار في الجلوس على الكرسي الذي يضمن له الامتيازات والمنافع.. ولا اريد ان اذكر بان هناك نواب فاشلين لم تقترب منهم "جرافة" الاجتثاث " تطبيقا لنظرية " خليك بحالك احسن ".
ولهذا لو كانت اسباب ازاحة حيدر الملا هي تلك التي اخبرنا بها بيان هيئة المسالة والعدالة ، فان وجود عدد كبير جدا من المسؤولين الكبار فوق مقاعدهم حتى الآن يصبح غير شرعي، ولا صحي، وفقا لنظرية الهيئة  في التغيير، فهل يجرؤ احد بان يطالب هؤلاء بالرحيل.
لعل موضوعي الاساسي في هذا المقال ليس هو الدفاع عن  حيدر الملا، أنا شخصيا مع أي  خطوة برلمانية تحاسب المفسدين والفاشلين وتقتص منهم عبر سياسة متكاملة واضحة ومدروسة، فهذا أمر جيد لكن غير الجيد، هو تلك الفردية التي تدار بها البلاد، والتي تلغي الوزارات والبرلمان ووسائل الاعلام وسائر القوى الفاعلة في المجتمع، لتحصر الأمور في يد شخص واحد فقط.
أتمنى ألا يفهم من كلامي أنني أروج لفكرة إلغاء هذه الهيئة وتعطيل قراراتها ولكنني أتساءل لماذا حيدر الملا فقط  يتصدر قائمة النواب المجتثين؟
لعلي أكاد كل يوم ألمح ابتسامة ارتياح على وجوه العديد من مسؤولينا وسياسيينا، وهم يتابعون انشغال العراقيين بفقرات المسلسل الدرامي عن قرارات هيئة المساءلة والعدالة، ذلك أن ظهور مثل هذه القضايا في هذا الوقت، بحد ذاته، فرصة لتواري واختفاء ملفات شديدة الأهمية تتعلق بحياة الناس وأمنهم ومستقبل أبنائهم، فهذه الهيئة أصبحت اليوم مثل مصباح علاء الدين السحري، ما إن تفركه حتى يخرج من قمقمه مارد يحقق لك كل ما تتمناه، ويبدو أن البعض لديه مثل هذا المصباح السحري، يفركه في اوقات الفراغ  ليخرج علينا المارد على شكل قرارات وبيانات تحذر وتنذر وتتوعد ثم تجتث.
من كان يصدق أن حلم الناس بالتغيير والديمقراطية والرفاهية والاستقرار يمكن أن ينتهي عند لجان وهيئات تحركها نوازع ثأرية وانتهازية وطائفية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. فاروق ابراهيم

    عزيزي استاذ علي هل ان الامر غاب عنك ام انك تتضاهر بعدم معرفته هذا الامر اصبح واضاحا للجميع وهو ان هيئة الاجتثاث مقصود بها ان تجتث كل من يزعج السيد المالكي و تلغي الاجتثاث لكل من يريح السيد المالكي أي يتلوك له حتى لو كان عضو قطريه في حزب البعث لان رئيس ال

  2. ياسين عبد الحافظ

    السبب يراى هو تصريج للملا الى ستوديو التاسعة بانهو اى الملا سوف يحمل الى بروكسل ملف حقوق الانسان بعدان تلقى دعوة لحضور المؤتمر ....لكن اهل بروكسل استمعواالىخطاب ربما كان ابلغ وانفع من السيد سليم الجبورى رءيس لجنة حقوق الانسان حول نفس الموضوع

ملحق منارات

الأكثر قراءة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

العمودالثامن: نواب يسخرون من الشعب

متى تتكلم الأغلبية الصامتة؟ وماذا بعد قانون الأحوال الشخصية؟

مأساة علاقات بغداد وأربيل..استعصاء التجانس واستحالة التفارق

العمودالثامن: شجاعة نائبات

 علي حسين إذا كنت مثلي مجبراً رغم أنفك، على سماع أخبار هذه البلاد العجيبة، فإن هناك جيشاً قوامه العشرات من المدونين ، يشن حملة ضد محامية ذنبها الوحيد أنها دافعت عن قانون الأحوال...
علي حسين

قناطر: الشعر هو ما يجعلنا نحلم

 طالب عبد العزيز قليلاً ما أكتب الشعر في الصيف، بل هو لا يأتيني فيه، فأنا أكره الحرَّ والشمس اللاهبة، ذلك لأنني رجل شتوي بامتياز، أحبُّ البرد والرياح القارصة والمطر والثلوج، ولا أجمل من...
طالب عبد العزيز

فلسفة الحكم في العراق

محمد حميد رشيد الحكم في العراق مبني على شعارات مجردة وفرضيات مبهمة وعواطف ملتهبة وعلى قواعد عامة لا تكفي أن تكون نظام لتسيير مؤسسة صغيرة وليست دولة كبيرة. وهناك من يقول ان الدستور هو...
محمد حميد رشيد

العراق: أحوال شخصية ام تكريس لظاهرة السلطة الموازية؟

حارث حسن واجهت معظم الدول الإسلامية الحديثة إشكالية التناقض بين مبادئ وأحكام الفقه الإسلامي (الذي يستخدم خطأً باعتباره مطابق للشريعة)، وبين المبادئ التي تقوم عليها الدولة الحديثة. يتعلق الأمر بمسألة شرعية هذه الدولة، والتي...
حارث حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram