TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مساعدو عزرائيل

مساعدو عزرائيل

نشر في: 25 فبراير, 2014: 09:01 م

العراقي يتعرض ومنذ الغزو الأميركي الى مظاهر تهديد امنه الشخصي بشكل شبه يومي ، سواء عن طريق عبوة ناسفة ام سيارة مفخخة ، او تصيبه رصاصة طائشة ، بموافقة عزرائيل لتساعده في قبض روح احدهم من دون عناء، و"ملك الموت" فضل المكوث في الأرض العراقية ، لتصفية حساباته ، وتدقيق سجلاته ، بمساعدة متبرعين ، من مختلف الأصناف والأشكال بعضهم حسم أمره بالانضمام الى جماعات مسلحة إرهابية ، وآخر شغل منصبا حكوميا ، وأجاد مهنة إشعال الحرائق وصنع الأزمات ، والصنف الثالث من "مساعدي عزرائيل" أصحاب التصريحات النارية من أعضاء مجلس النواب ، وهؤلاء في بعض الأحيان من خلال احاديثهم عبر شاشات الفضائيات الحزبية ، تكون تصريحاتهم أشبه بعبوات ناسفة او انفجار سيارة ملغمة تخلف خسائر بشرية ومادية بحسب تعبير من اكتوى هذه الأيام بلهجة التصعيد وتبادل الشتائم من العيار الثقيل لم يقدر أصحابها حجم تأثيرها وأضرارها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية طويلة الأمد .
مساعدو عزرائيل يستمدون قوتهم من نفوذ أحزابهم ، ومزاعمهم بامتلاكهم قواعد شعبية مازالت مستعدة للإدلاء بأصواتها لصالحهم ، فضلا عن ارتباطهم بجهات خارجية ، وهنا تجدر الإشارة الى ان المقصود بالجهات الخارجية ما يقع خارج المنطقة الخضراء ، لأبعاد التصورات والأوهام بوجود دولة مجاورة للعراق تدعم مساعدي عزرائيل في أداء مهمته المعروفة.
يقال ان اقل من 20 نائبا من البرلمانيين الحاليين ، حصلوا على أصوات مقاعدهم بأصوات ناخبيهم ، اما الآخرون فوصلوا الى مجلس النواب بأصوات رؤساء قوائمهم ، او عن طريق المقاعد التعويضية ، وبابتكار هذا النظام الانتخابي الفريد من نوعه والمدعوم من الكتل الكبيرة المتنفذة في الدورة التشريعية السابقة اصبح المرشح بأصوات عشرة من أفراد من حمايته رئيس لجنة برلمانية ، ومن مساوئ هذا النظام انه رهن إرادة النواب برؤساء الكتل وقادتهم السياسيين ، ومنحهم حق الوقوف في المؤتمرات الصحفية أمام كاميرات الفضائيات ، أثناء قراءة البيانات ، ووجوههم تحمل ملامح جامدة خالية عن اي تعبير ، ولكن حينما تصدر الإشارة لهم بالتصريح بهذا الموضوع او غيره ، يأتي الحديث مثل تلاوة محفوظة "عندي خروف ابيض اتبعه فيركض" ويبدأ التصريح بالديباجة المستهلكة :" في الحقيقة والواقع واستنادا الى ما ورد في الدستور فان موقفنا ينطلق من حرصنا على تحقيق المصالح الوطنية والوقوف بقوة أمام من يحاول سرقة مكتسبات الشعب العراقي في ظل النظام الديمقراطي الجديد وتضحيات أبناء الشعب " وبعد ان يعدل المتحدث ربطة عنقه ، ويسترجع مفرداته، يعلن وبلهجة حماسية سنضرب بيد من حديد كل أعداء العملية السياسية، وسنلقن دول الجوار درسا لن تنساه ، وهنا ينفجر "التصريح الناسف" ، وتنقل الفضائيات حديث النائب ابو 78 صوتا ، وتستعين بزملائه من الكتل الأخرى لغرض الرد و التعليق والتحليل ، وتكبر كرة النار بإشعال عود ثقاب من برلماني يحرص دائما على حمل شخاطة في احتدام الصراع واتساع الخلاف وضياع فرص الحل للازمات المتلاحقة .
جميع النواب سواء أصحاب الأصوات الشرعية او المنتحلة لهم حق التصريح والتعبير عن آرائهم ، وعلى مدى اربع سنوات عمر الدورة التشريعية ، عرف العراقيون ، من ساعد عزرائيل ، بإطلاق تصريحات ناسفة تهدد الأمن الوطني والسلم الأهلي . وا مصيبتاه ، وا نكبتاه .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram