بات مؤكداً أن ترشح العليل بوتفليقه لفترة رئاسية جديدة، ستكون له عواقب أخطر على استقرار الجزائر، وأكثر مما تتصور جوقة مؤيديه، التي تسعى بقوى مضاعفة لتمرير فكرة إبقاء الرجل المنهك، في أهم منصب قيادي لبلاد تحتاج رئيساً بكامل قواه العقلية والجسدية، للمرور بها من عنق الزجاجة الذي استحكم خلال ثلاث ولايات حكم فيها الرجل، مُعتمداً على مناوراته التي أججت الصراعات بين الطبقة السياسية والشعب والمجتمع المدني، وترك في كثير من الأحيان الأمور بين يدي شقيقه سعيد، الذي عرف كيف يستغل قرابته، وهو الخبير بـ "من أين تؤكل الكتف".
اعتبر الكثير من الجزائريين أن ترشح بوتفليقه إهانة لهم، لعدم ثقتهم بقدرته على إدارة البلاد بسبب المرض، وكأن البلد لم يعد فيها من هو قادر على قيادتها، وكأن الجزائريين لايستحقون رئيساً أفضل وأصح، صحيح أن تربعه على كرسي الرئاسة كان ضرورة في مرحلة ما، ولكن الصحيح أيضاً أن تلك المرحلة انقضت، بانقضاء سنوات ساد فيها الإرهاب وخلفت عشرات آلاف القتلى في صدامات المسلحين الإسلاميين مع الجيش، ويعني ذلك أن بوتفليقه والذين معه، سيضيعون مرة جديدة على بلدهم فرصة تاريخية لصياغة تحولها الديمقراطي، من خلال الارتهان لنزوة الرجل العليل، الطامح لجنازة رسمية وطنية كبرى، مع أنه سيكون رئيساً ضعيفاً خاضعاً لمتطلبات حالته الصحية.
اعتبر الجزائريون فترتي حكمه، الأولى والثانية ضرورة لترسيخ الاستقرار والنهوض الاقتصادي، لكن الرجل استمرأ الحال فعدل الدستور للفوز بولايات جديدة، مفضلا ذلك على اختتام حياته السياسية بعزة وكرامة، متنازلاً عن فكرة ترك صورة زاهية لتاريخه، وهاهو الكهل العليل الذي لايعرف أحد حدود قدراته الجسدية والعقلية والنفسية، يترشح لولاية رابعة، حتى وهو يفتقد القدرة على اعلان ذلك بنفسه، تاركاً المهمة لرئيس حكومته، وهو رئيس اللجنة العليا للانتخابات، في خطوة كشفت عدم حياده بين المترشحين، الذي يفرضه الدستور والأخلاق في آن معاً.
يروج البعض أن بوتفليقه، يسعى من خلال ترشحه لإبعاد المؤسسة العسكرية، التي حملته إلى موقعه عن السياسة، مستغلا الرغبة الشعبية في ذلك، لكن الواقع يؤكد أن ترشحه لا يشكل تحدياً لتلك المؤسسة، التي حاول يوماً وهو في ذروة قوته، المسّ بها حين وجه سهام نقده لرجلها القوي الجنرال توفيق، الذي استمر في موقعه رغم ذلك حتى الآن، وحتى بعد تجاوزه السبعين من العمر، ما يعني أن الحاكم الفعلي في ولاية بوتفليقه الرابعه إن تحققت، سيكون خليطاً من شخصيات مقربة منه، وبعض الحزبيين المطلوب منهم الحفاظ على التواصل مع القاعدة الشعبية، وبعض قادة الجيش، والمعروف أن هذا الخليط كان المتحكم بالأمور خلال الولاية الثالثة، في حين يسأل البعض إن كان الرجل يعي أنه مرشح أم لا، بعد أن بات مجرد عنوان لهذه المجموعة التي يقودها شقيقه، وكأنه قدر في دنيا العرب أن تتحكم عائلة الرئيس بالأمور، وكأن الشعب انتخب الرئيس وعائلته في صفقة متكاملة.
مهم الإشارة إلى أن معارضي بوتفليقة، وهم يصفون فترات حكمه بالكارثية، يطالبون الشعب اليوم بعدم الصمت على حقه في اختيار من هو جدير بحكمه، ويؤكدون أن الولاية الرابعة تشكل إلغاءً للجمهورية ولمبدأ التداول على السلطة، واعتداءً على ذاكرة أولئك الذين ضحوا بحياتهم من أجل الاستقلال، واحتقاراً للمواطنين، كما أنه مهم أيضاً الإشارة إلى أن معارضة ترشح بوتفليقه، التي تقودها شخصيات وازنة تولت مناصب رفيعة، تأتي في وقت تعيش فيه البلاد على وقع صراع بلغ مداه بين الرئاسة والمؤسسة الأمنية، ما يدفع للسؤال إلى أين يقود الرجل العليل بمصالحه الضيقة مستقبل الجزائر؟
عليل لقيادة الأصحاء
[post-views]
نشر في: 26 فبراير, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ابو سجاد
سؤال استاذ حازم لماذا ابو تفليقة لم يطله الربيع العربي وهو دكتاتور اعتى من دكتاتوري الرؤساء العرب لو تكرمت نورن بمقال لاحق