TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قتلى بسموم السياسيين

قتلى بسموم السياسيين

نشر في: 1 مارس, 2014: 09:01 م

اسباب القتل في العراق كثيرة وعديدة ، وهذه الحقيقة ليست جديدة ،  ولكن ما يثيرالانتباه والدهشة ، ان شريط الاخبار يحمل  يوميا انباء تفيد بمصرع العشرات من القتلة والقبض على اخرين ، اثناء تنفيذ عمليات عسكرية في مناطق متفرقة من البلاد لملاحقة العناصر الارهابية سواء من العراقيين ام حاملي جنسيات عربية واخرى افغانيةوشيشانية وباكستانية .
شريط اخبار الفضائيات على مدار الساعة ينقل عن قادة عسكريين ومسؤوليين أمنيين تصريحاتهم المتفائلة بان الاوضاع الامنية في غضون الايام  القليلة ، ستشهد تحسنا ملحوظا  باعتماد خطط جديدة  واسلحة ومعدات حديثة ، من شأنها ان تعزز القدرات القتالية للجيش والشرطة ،  ولن  تبقى  سوى الرفسة الاخيرة  لثور الارهاب ،  وبعده سيحل السلام والامان في ربوع الوطن الحبيب، ويتناول الشعب الزبيب .
منذ اول يوم لتشغيل ماكنة الشريط الاخباري ،وحتى الان لم تعلن الجهات الرسمية اعداد القتلة وعلى وفق ما اعلن سابقا وعلى مدى  مواسم القتل فمن المرجح ان تكون كبيرة ، وستفتح باب  التساؤلات لمعرفة جنسيات القتلة  ، واصنافهم ، وكيف دخلوا الى العراق من حدوده الغربية ، ومن وفر لهم الحواضن والايواء المؤقت لحين تنفيذ  عملياتهم الارهابية ، مستهدفين تجمعات المدنيين الابرياء في الاسواق والمقاهي والمطاعم ومجالس العزاء وأماكن العبادة .
الجهات الرسمية يبدو انها تخشى الاعلان عن عدد الضحايا ، والامر ينسحب ايضا الى التكتم على اعداد القتلة ، والشريط الاخباري لن يتوقف ، وليست هناك امكانية لمتابعته للوصول الى بيانات حقيقية ، تبدد  حيرة العراقي وتجيب على اسئلته لمعرفة اعداد الضحايا ومن قتلهم  ، وهو يعلم جيدا بانه لن  يشهد الفصل الاخير من مأساته.
المشهد العراقي المعروف بعلامته الفارقة المتمثلة بالاضطراب على المستويات كافة ،يشهد على الدوام تصريحات لمسؤولين ،  تؤكد ان تدهور  الملف الامني  يعود الى الخلاف السياسي ،فيفسر المسؤول  الماء بعد الجهد بالماء ، وفي  اغلب الاحيان  يتهمدولا خارجية  بالوقوف وراء دعم و تشجيع المجاميع الارهابية ، ويتناسى الاشارة الى سوء ادارة الملف الامني ، وتشخيص مواطن  الخلل في الجهد الاستخباري ، وينفي وجود ضباط من نوع الدمج ، في المؤسسة العسكرية ، وينفي ايضا وبشدة  استحداث صنف "الفضائيين" وينهي تصريحه بالتشكيك بارقام منظمات دولية تضمنت اعداد القتلى والجرحى العراقيين  ضحايا أعمال العنف .
استنادا الى  معادلة  بسط الامن  بانهاء الخلاف السياسي  ، تبرز حقيقة ان  ضحايا العنف فقدوا حياتهم نتيجة تناولهم سموم السياسيين ، والموت بالسم ليس جديدا في العراق ،  والكثير من ابناء الجنوب يتذكرون الحنطة المسمومة ، وما حصدته من ارواح، وفي سنوات فرض العقوبات  الاقتصادية على العراق ،  كان الاعلام الرسمي  يتناول يوميا وبالارقام ضحايا الحصار ، وعندما فارقت الحاجة "يزي" الحياة لاصابتها بالتهاب الامعاء الشديد نتيجة تناول البيض المسلوق الفاسد ،  سجلت  ضمن قائمة ضحايا العقوبات الاممية ، ابناء واحفاد المرحومة" يزي" مثل بقية العراقيين، يتابعون الشريط الاخباري ،  وينتابهم القلق من احتمال تعرضهم للموت بسموم السياسيين ،وياحية يا ام راسين، خشي بجدرهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram