rnرفعت عبد الرزاق محمدrnrnالذي لا نستطيع انكاره ان الدكتور مصطفى جواد كان مثالا كبيرا للعصاميين استطاع ان يبني شخصيته العلمية باعتماده على نفسه دون كلال او ملال بما خضع اليه من ضغف علمي ان يكون احد علمائنا الافذاذ، واحد المتفردين بمعرفة اسرار التاريخ المحلي ولاسيما تاريخ بغداد ومعرفة خططها، وعلى الرغم من كثرة الذين كتبوا على الدكتور مصطفى جواد ودوره في النهضة الفكرية المعاصرة فان احدا لم يتصد لكتابة سيرته كاملة والبحث عن التقاط الهامة التي جعلته عالما بارزا، rn
rnووجها لن ينساه الجميع، ومن هذه النقاط بعثته الدراسية الى باريس في منتصف ال?لاثينيات التي نعدها اهم ما مرت به سيرته لما آل عنها من تغيير كامل في شخصيته واتجاه تفكيره، ولعل رسائله المتبادلة مع نفر من الرجال تكشف شيئا مهما من حياته وطرائفها.rnrn*والمتتبع لكتابات الدكتور مصطفى جواد بعد رحلته الى فرنسا، انها قد اخذت شكلها العلمي الرصين او ابتعدت كليا عن الاغراض الشخصية التي يخفيها في مقالاته الاولى التي نشرها في مجلة (العرفان) الصيداوية، ومن يقرأ بعض هذه المقالات لا يصدق ان كاتبها هو مصطفى جواد، غير ان ما يشفع له ـ كما يشفع لغيره. كون هذه المقالات كانت في بدء حياته العلمية وتوددا لصاحب مجلة (العرفان) اي قبل اكتمال ادواته التي تنوعت بعد رحلته لفرنسا. فضلا على ان مقالاته الانتقادية كانت تعتريها الكلمات القاسية على المنقودين على الرغم من غرضها الادبي ?لخالص ولعل هذه الخشونة اكتسبها من استاذه الاب انستاس الكرملي، الذي اتصف بالصرامة والغلظة في المناظرة و تسقط اخطاء الاخرين وعثراتهم، وحسبنا ان نشير هنا الى مقدمة ردوده على محاضرات الشاعر الكبير معروف ا لرصافي عن الادب العربي، المحاضرات التي القاها في اوائل العشرينيات يوم كان احد موظفي وزارة المعارف، فيقول:rnلاجل الكشف عن مقدرة الرصافي المشهور الذي ادعى انه درس الادب منذ اربعين سنة ننشر ما ياتي ولكي يطلع الادباء على علم الاستاذ او نشرنا بعض هذا النقد الادبي في جريدة (العراق) البغدادية فاشحى الرصافي احد اذنابه علينا يسبنا في جريدة (البلاد) لصاحبها رفائيل بطي احد (....) واحد اعدائنا المشهورين والساب لنا يوقع كتاباته بتوقيع (حبزبوز).." (العرفان العدد4، المجلد 20 تشرين الثاني 1930).rn*واود هنا ان استعرض الوظائف التي شغلها مصطفى جواد قبل سفره لكي تبدو صورة تطوره الفكري واضحة، فاذكر ان مصطفى جواد كان يلقي محاضرات في مدرسة التطبيقات الابتدائية بدعوة من المرحوم يوسف عز الدين الناصري مدير دار المعلمين الابتدائية، وذلك اثناء غياب محيي الدين الناصري ـ المدير ـ وكان مصطفى جواد يومذاك احد طلاب دار المعلمين... وعند تخرجه عام 1924 عين معلما في مدرسة الناصرية الابتدائية على عهد مديرها المرحوم عبد المجيد زيدان، ثم نقل الى مدرسة السيف في البصرة ومنها الى المدرسة الابتدائية في الكاظمية ثم مدرسة دلتا?ه، ثم اختير (كاتب تحرير) في وزارة المعارف عهد مدير المعارف سامي شوكت، ومنها عين احد مدرسي المدرسة المأمونية اشهر مدرسة في العراق يومذاك.*وفي عام 1934 اعلنت وزارة المعارف عن الترشيح للبعثة الدراسية العراقية الى فرنسا وبتشجيع من جعفر الخياط وعبد الكريم الازري، تقدم مصطفى جواد لشموله بتلك البعثة ونال موافقتها بسهولة فأرسل اولا الى القاهرة لتعلم اللغة الفرنسية والاستعداد لمواجهة التقاليد الجامعية في (السوربون) واصول نيل درجة (الدكتوراه).rn*وما ان حل مصطفى جواد في باريس حتى بدأ بالاتصال ببعض من عرف باهتمامه بالتراث العربي وفي مقدمتهم المستشرق الكبير لويس ماسينيون، وقد بدأت هذه الصلة بعد رسالة التوصية التي كتبها الكرملي الى ماسينيون للاهتمام بطالب البعثة المهتم باخبار بغداد واثارها وهو الموضوع الذي شغف به المستشرق الكبير وجعله يقيم علاقات واسعة مع العراقيين فزار بغداد عام 1907 وزارها ثانية في العام التالي. وفي رسائل مصطفى جواد التي اطلعنا عليها ان ماسينيون اخبره ان في بدء زيارته بغداد نزل ضيفا على السيد محمود شكري الالوسي واصيب في حينها بمرض ?لملاريا بعد رحلة متعبة الى قصر الاخيضر وحامت حوله شكوك بعض خصوم الالوسي فأضطر الى ترك بغداد والعودة الى بلاده غير انه استكمل بحوثه في زيارته الثالثة عام 1911 التي استأجر فيها دارا مجاورة لجامع العاقولية غير بعيد عن دار الالوسي.rn*وقد اثمرت صداقة مصطفى جواد لماسينيون عن فوائد كبيرة للاول، فالذي لا يعرفه الا القليلون انه عندما قدم اوراقه الى كلية السوربون لم تلق شهادته قبولا ولم يعترف بها والمعروف ان شهادته كانت (خريج دار المعلمين الابتدائية)، غير ان ماسينيون استطاع ان يذلل هذه العقبة عندما اقنع مسؤولي الكلية بتقديم بعض مقالات مصطفى جواد المنشورة في مجلة (لغة العرب) ومجلة (المقتطف) ومجلة (العرفان) و غيرها من الوثائق.rn*وبدأ مصطفى بتهيئة مستلزمات رسالته العلمية (السياسة العباسية في القرن السادس الهجري)، غير ان اهتمامه بمحفوظات المكتبة الوطنية في باريس من مخطوطات عربية، اخره عن استكمال اطروحته في الوقت المحدد فضلا عن مشاكل اخرى وقعت له. وقد اطلع كاتب هذه السطور على رسالة لمصطفى جواد بعثها الى المؤرخ المحقق يعقوب سركيس بتاريخ كانون الثاني 1936 يقول فيها: rn"وزاد عذابي ان الشرطة الباريسية قد اخطأت في ورقة هويتي فكتبت لي احد عشر شهرا بدلا من سنتين كما هي ع
لكي تبدو صورة تطوره الفكري واضحة
نشر في: 28 سبتمبر, 2009: 06:06 م