TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عصابات الدولار في البنوك

عصابات الدولار في البنوك

نشر في: 1 مارس, 2014: 09:01 م

البيان الذي أصدرته جمعية الصيرفيين العراقيين منذ ثلاثة أيام لم يقل الحقيقة كلها، وانما نصفها. أما النصف الآخر فقد تجاوزه البيان، ربما دفعاً لشرّ مفترض أو درءاً لمتاعب متوقعة.
الجمعية قالت ان "قرار البنك المركزي حصر منافذ توزيع العملة الأجنبية بعامة، والدولار تحديداً، بالمصارف الخاصة، يتعارض مع مبدأ السوق الحرة، ويؤدي إلى احتكار العملة الصعبة، ويعطل حركة البضائع في البلاد".
وتحدث البيان عن "مخاطر وسلبيات" مترتبة على اجراء البنك هذا، وقال ان "أبرز تلك المخاطر إتاحة الفرصة لعدد قليل فقط من أصحاب المصارف الخاصة لاحتكار الشراء المباشر للعملة، والتحكم في سعر تداولها، ومخالفة قواعد السوق الحرة التي يسعى البلد لترسيخها كأساس في بناء اقتصاد حر ومتطور قادر على تجاوز الروتين والتعليمات الصارمة التي تحدّ من حركة تداول المال". واضاف البيان أن "احتمالات التأثير المباشر على اقتصاد السوق بسبب تأخر وصول العملة إلى مستخدميها وما يتبع ذلك من آثار على ارتفاع الأسعار، وتأخير حركة تداول البضائع داخل العراق وخارجه، وحرمان مئات الشركات العاملة في قطاع الصيرفة من الاستفادة من البيع المباشر والحد من نشاطها وأرباحها، برغم كونها تساهم في موازنة سعر الصرف وسرعة تداول العملة وتلبية احتياجات قطاعات كبيرة من الاقتصاد الوطني".
ما لم تقله الجمعية في بيانها أهم وأخطر مما تحدثت عنه من دون التقليل من أهمية ما قالته، فالبيان يسلّط الضوء على إجراء يُضار به بضعة آلاف من الصيارفة، أما ما أغفل ذكره البيان فالمضارون به مئات الآلاف، بل ملايين، من العراقيين الذين أباح لهم البنك المركزي نظرياً شراء الدولار بسعره الرسمي (1187 ديناراً) عند السفر الى الخارج للسياحة أو للعلاج .. أكرر نظرياً، أما عملياً فان المسافرين لا يحصلون على الدولار بهذا السعر فيضطرون الى شرائه من البنوك أو الصيارفة بسعر يصل الى 1235 ديناراً وأكثر.
تذهب الى البنوك المرخص لها بيع الدولار بالسعر الرسمي، حاملاً جواز سفرك وبطاقة السفر ودنانيرك قبل موعد السفر باسبوعين او ثلاثة، فيأتيك الجواب دائماً: "خلّصنا .. ما عدنا".. تسأل: متى يمكنني الحصول على الدولار؟ يجيبك الموظفون: "ما نعرف.. تعال يوم الـ.." .. تذهب في اليوم المحدد فلا تحصل على شيء بعد طول انتظار وغرق في زحمة الدلالين والدلالات.. ثم تكتشف السر: بعض من موظفي البنك بائع الدولارات يحتكرون عملية البيع الى اناس محددين يأتون شهرياً على وجبات أسبوعية.. يقدمون جوازات سفرهم الى الموظفين فيقبضون عنها 25 – 50 الف دينار .. نظرياً صاحب الجواز يشتري خمسة آلاف دولار، لكنه في الواقع لا يدفع ديناراً ولا يتسلم دولاراً.. العملية يقوم بها موظفون في البنك (كل بنك فيه عصابة تدير هذه العملية). أما الذي تجري العملية باسمه وبجواز سفره فله 25 – 50 الف دينار فقط مقابل استخدام جواز سفره.
هل البنك المركزي غافل عن شغل العصابات هذا في البنوك التي يخصّها بدولاراته أم هو متغافل؟ .. الجواب عند البنك... المركزي طبعاً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. معن النعيم

    كل قرارات الحكومة تصب بصالح اصحاب المراكز ثم ان تثبيت سعر صرف الدولار لايخدم عمل البنك المركزي لاته يضمن للبنوك الاهليه احتكار الدولار وبيعه لانه متاكد لن يهبط ولكن لو ان سعر الدولار يتفاوت غير ثابت افضل لان ذلك لن يؤدي الى احتكاره المعادلة سهلة وبسيطة ول

  2. احمد

    لا جديد في الموضوع ومن المؤكد ان البنك المركزي يعلم به لابل انهم يعلمون ماهو انكى من ذلك الا وهو الفواتير والبيانات الكمركية المزورة التي تقدم من قبل البنوك بالنيابة عن حفنة من اللصوص الذين امتلأ العراق بهم وبتغطية من نواب برلمانيين يرئسون، وهو شر البلية،

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram