في كتابه الكاريكاتير في الصحافة، يقول الأستاذ في كلية الأعلام بجامعة بغداد الدكتور حمدان خضر السالم "يعتقد البعض ان الكاريكاتير فن حديث، وهذا الاعتقاد خاطئ، اذ تشير بعض المصادر التي تناولت تاريخ هذا الفن انه موغل بالقدم، تقترن نشأته بنشأة الإنسان على الأرض، وتستند هذه المصادر على ما حفظته كهوف كامبرل بمقاطعة دوردوني في فرنسا، حيث عثر على أولى الرسوم الكاريكاتيرية محفورة على الصخور، خلفها سكان الكهوف في العصر الحجري والتي يعود تاريخها الى قبل ثلاثين الف سنة".
ويشير المؤلف في المبحث الاول من كتابه حول نشأة الكاريكاتير الى ان تاريخ هذا الفن رسمياً "بدأ مع القرن العاشر قبل الميلاد، عندما قام احد رسامي ذلك القرن برسم صورة للملك وحاشيته، وقد رسم احد مستشاري الملك على هيئة إنسان ولكنه يحمل رأس حمار، مشيرا بذلك الى عدم فطنة المستشار، وانخداع الملك فيه، الأمر الذي جعل الملك يصدر قرارا بإلقاء القبض على الرسام، وسجنه، ولقد عد مؤرخو الكاريكاتير ان هذا الرسم هو إشارة لميلاد هذا الفن وبداياته".
ادرك رسام الكاريكاتير من القرن العاشر قبل الميلاد ان "المستشار حمار" وقصد به الشخص الذي يقدم النصيحة للملك، ويساعده في اتخاذ قراراته المصيرية المتعلقة بشؤون المملكة، ومنها ما يتعلق بإجراءات الحفاظ على الأمن القومي بشن الحروب والغزوات، وتنفيذ صولات داخلية لملاحقة من يهدد امن البلاد من قطاعي الطرق والمتمردين ، فضلا عن تقديم النصائح باتخاذ قرارات برفع سقف الضرائب، وأخرى اجتماعية لتنظيم الحياة بشكل يضمن حقوق طبقة النبلاء والأثرياء من علية القوم من "تجاوزات وتمرد العبيد".
رسام الكاريكاتير المجهول ربما كانت له أعمال أخرى، في تناول شخصيات في المملكة يعملون في البلاط، من حاشية ووزراء وقضاة وعساكر، وبرؤيته النقدية الكاريكاتيرية الساخطة وانطلاقا من رغبته في فضح السوء والانتهاكات بدء من استغلال المال العام ، واستخدام النفوذ لتحقيق مكاسب شخصية، ربما جعل الرسام الوزير بهيئة قط "عتوي" كبير يصول ويجول في المملكة مستخدما صلاحياته في فرض الإتاوات على عباد الله، وانتقاء ما يعجبه من الصبايا.
وطبقا لهذه الفرضية فان الرسام جعل كبار العسكر يشبهون الثيران الهائجة، ورجال المعبد من الكهنة صورهم وكأنهم أفاعي، ورجال الدين في ذلك الوقت يعملون بإخلاص ويبذلون الجهود لخدمة الملك ، ودورهم المهم الكشف عن المؤامرات الخارجية والداخلية الساعية الى الإطاحة بعرشه.
استخدام الحيوانات بوصفها رمزا للقوة او الغباء والذكاء والمكر والاحتيال وفي بعض الأحيان عن الإخلاص والوفاء ، في ثقافات الشعوب، يعود تاريخه الى عصور قديمة جدا ، وانتقل الى الموروث الشعبي ، والمثل العراقي الشائع " اخذ الشور من راس الثور " يتطابق في معناه مع عمل رسام الكاريكاتير في القرن العاشر قبل الميلاد بجعل المستشار يحمل رأس الحمار ، فصدرت بحقه مذكرة قبض قبل ان ينجز أعماله برسم الوزراء على شكل" عتاوي
المستشار في اقدم كاريكاتير
[post-views]
نشر في: 2 مارس, 2014: 09:01 م