في واحدة من الأماسي الجميلة أقام اتحاد الأدباء في كربلاء أمسية ضيف فيها الشاعر العراقي طالب عبد العزيز الذي قرأ شعرا كثيرا وتحدث عن تجربته لوقت امتد لأكثـر من ساعتين.في بداية الأمسية قال مقدمها الشاعر علاوي كاظم كشيش :إن الشاعر عبد العزيز لديه
في واحدة من الأماسي الجميلة أقام اتحاد الأدباء في كربلاء أمسية ضيف فيها الشاعر العراقي طالب عبد العزيز الذي قرأ شعرا كثيرا وتحدث عن تجربته لوقت امتد لأكثـر من ساعتين.
في بداية الأمسية قال مقدمها الشاعر علاوي كاظم كشيش :إن الشاعر عبد العزيز لديه ثراء لغوي وهو بهذا كان واحداً من كتاب القصيدة التي تأثرت بالهذيانات ،لأن له لغة تختلف عن أغلب الشعراء وله قصيدة تعطي .وأضاف ان المكان لدى الشاعر يشكل أهمية كبيرة وخاصة منطقته (أبو الخصيب) وهو يحفر فيها ليستخرج فخاريات وصناديق لأن فيها أثراً من كل شيء. ويوضح علاوي ان المكان لدى طالب معادل فني له ارتباط بالمكان التاريخي والعائلي وهذه ذاتية متميزة.
وبدأ الشاعر طالب بقراءة العديد من القصائد ثم تحدث عن الشعر باعتباره منطقة خطرة أحاول أن أكتب شيئا جديدا وغالبا ما أفشل لأني أريد ان أقول الشعر ..وأضاف: إن الأمكنة ما زالت بكرا بالنسبة لي وهي خزانة يستثمرها الشاعر كثيرا ودائما ما أحاول أن أخرج من أبي الخصيب إلى الماء إلا ان طيف الأمكنة يلاحقني..وأوضح ان لكل شاعر لغته الخاصة وهو يلعب بسد اللغة ليكون له شاعرية. خاصة وان غابة الشعر العراقي شائكة فكيف نجد لنا مترا مربعا واحدا لنكون شعراء؟! وبين:استطعت أن أنقل اللغة إلى الشعر إذا قبضت على حفنة من التراب بيدك فإنك ممسك بيد القصيدة ،وهكذا هي اللغة، فحين أكتب عن النخلة فإني أكتب عن روح ودم وليس عن نخلة من بلاستيك موضوعة في رف دولاب أو معرض خشبي..ويشير ان ذكره لأمكنة البصرة سيأتي لكي يلتفت إليها المعنيون ويسمعوا لكي نحولها إلى أماكن حية وذاكرة ثقافية وإلى بعد اجتماعي أيضا.
وشهدت الأمسية العديد من المداخلات والقراءات النقدية بدأها الدكتور علي حسين يوسف بقوله :إن عبد العزيز شاعر يغريك بجمله الشعرية الشفافة والتلقائية ومجازاته الواضحة ويأخذك برؤاه المشبعة بكونية واضحة.. وأضاف ان المشهد عند طالب يقف على واقعية الزمان والمكان والصور الحية وقد أتقن الشاعر صيغ التعبير المجازي وخلق منها صورا تشبيهية واستعارية وكنائية عميقة الإيحاء ومطبوعة بالصبغة الذاتية ،والنص عنده نص ثري مكتنز بالتكثيف السردي الذي يميل إلى السيرة الذهنية لما يختلج في عالمه الغني بالمصادر التجريبية. فيما قرأ الشاعر سلام البناي ورقة نقدية أيضا جاء فيها :ربما لا أضيف شيئا جديدا وأنا أتجول بين نصوص المجموعة الشعرية المعتقة للشاعر طالب عبد العزيز (تاريخ الأسى ) لكن استفزازات النصوص التي أستطيع أن اسميها باللوحات التعبيرية الصادقة والمولودة من الرحم التكويني للمأساة الإنسانية التي تكبر معنا في كل وقت هي التي دفعتني إلى التعايش معها.
وتداخل الأديب علي لفتة سعيد أيضا وقال: حين تذكر الشعر في البصرة فإنك تذكر طالب عبد العزيز وانه منذ (تاريخ الأسى) و(تاسوعاء) قد شكل علامة مميزة في مسيرة الشعر العراقي.. وأضاف ،ان في قصيدته شعرا وشاعرية وهو يحاول ان يمزج بين عدة مستويات يجنح في أغلبها إلى السرد ولكن الأبرع في كتابته للقصيدة انه يحاول ان يمازج بين المستوى الإخباري الذي تبدأ به القصيدة وهو مستوى سردي والمستوى التصويري الذي هو مستوى شعري وهي طريقة تميزه في طريقة كتابة الشعر..وان عبد العزيز يذهب بنصه الشاعري عن المكان والشخوص وهو ليس كما يقول البعض يكتب عن ذاته بل يكتب ليؤرخ أحداثا مهمة من تاريخ زمن وان كان خاصا به..وبين لفتة ان قصيدة عبد العزيز لها قوام إبداعي لا يعتمد إلا على الوضوح لأنه يعتمد الأسلوب السردي في الشعر وهو أسلوب وان كان سلسا إلا انه صعب في كيفية المحافظة على المعنى ،ولهذا نرى ان منطقة التأويل لديه دائما ما تكون في نهاية القصيدة.
فيما قال الشاعر أحمد طابور إن التراث البصري زاخر بالأمكنة وان ضياعها يؤثر على المخيلة الثقافية والاجتماعية ،لماذا لا تكون وقفة لملاحقة هذه الأمكنة وحفظها ليس شعرا فقط بل آثارا واهتماما.وأشار ان الشاعر عبد العزيز تناول المكان وهذه حقيقة انتمائه وعشقه لمدينته. في حين تناول الدكتور خضير درويش قصيدة من قصائد الشاعر ( القربة على الصحراء) ،وقال ان تشكيلات المكان في قصائد طالب عبد قد ولدت انسجاماً على المستويين الدلالي والمكاني. في حين قال الشاعر الدكتور عمار المسعودي ان اللغة العربية لم تتح فرصة لتفجيرها وإظهار إمكاناتها بسبب انشغال الشاعر بالإيقاع والوزن والموضوع الخارجي وهو الغرض الشعري سابقا ما عدا قسما من الصوفيين الخارجين عن المادة و مع الشعر العربي الحديث أيضا لم يتمكن الرواد من العناية باللغة بسبب مكانة الأنساق الاجتماعية والسياسية آنذاك .