TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > نساء في القاع

نساء في القاع

نشر في: 7 مارس, 2014: 09:01 م

كل انفجار يحدث ..يعني أرامل جدد، وكل أرملة ، تعني أيتاما جدد، وكل يتيم يعني عددا جديدا من النساء المعيلات ..حلقة مفرغة تدور فيها المرأة العراقية وقد تدخل بها موسوعة غينيس للأرقام القياسية في مجال النساء المحرومات من ابسط مقومات الحياة والسعادة والأمان لدى نساء العالم..
في عيد المرأة ، فكرت في الكتابة عن إنجازات المرأة العراقية وكيف تسلقت رغم الصعاب سلم العلم والسياسة والأبداع ولمع اسمها في محافل ودول عدة لكن الواقع الأليم يأبى الا ان يشدني الى قاعه فأرى فيه نساء مهمشات ..عاملات وموظفات ينتظرن الراتب ليدرن به دفة الحياة مع او بدون الرجل ويحتملن في سبيل ذلك مصاعب الطرق والمسؤوليات البيتية المتراكمة ومصاعب أماكن العمل ذاتها من معوقات وتنافس وتناحر وتحرش احيانا...ونساء عاطلات عن العمل ينتظرن لقمة العيش من معيليهن ويعشن في حمى الزوج او ظله فيحتملن تقلبات مزاجه وعصبيته وإهماله وقد يردفهن بزوجة ثانية او يصول ويجول خارج المنزل ويعود ليمارس أنواع العنف الأسري مع الزوجة والأولاد ..ونساء فقدن الرجل والحضن الدافئ ودفعتهن الحاجة المادية او العاطفية لسلوك طرق يرفضها العرف الديني والاجتماعي فاصبحن منبوذات والصقن عارا أبديا باسرهن وأولادهن ، وربما دفعن ثمن ذلك حياتهن ضمن شريعة ( غسل العار ) ..وفتيات لم يبلغن سن الزواج ووجدن انفسهن زوجات بأمر الأهل لأسباب دينية او مادية ..ونساء لم يحتملن تقلبات الزمن وانهيار الحياة الزوجية فاخترن الطلاق وأخريات فاتهن قطار الزواج فصارت العنوسة عبئا يحملنه على أكتافهن وقد يلقينه لدى رجل مطلق او ارمل او كبير السن ويخسرن بذلك كرامتهن او مدخراتهن اضافة الى سنوات عمرهن الضائعة .. في اسفل القاع تطالعنا صور نساء يمارسن أعمالا خشنة ويواصلن الليل بالنهار ليحصلن على لقمة عيش شريفة ..لم يعرفن يوما آخر صيحات الموضة اويحتفلن بعيد المرأة او عيد الحب او حتى الأعياد العادية...
هذا المخلوق العجيب الذي يدعى ( المرأة) يعاني لكنه يعطي الحب الذي يشفي كل شيء..انها تداوي نفسها عند مرضها وقادرة على ان تعمل 18 ساعة يوميا دون تذمر ...يداها رقيقتان لكنها ( قوية جدا ) مع ذلك وقادرة على الصبر والتحمل والثبات بشكل لا يضاهى ..
انها قادرة على إقناع الاخرين بالحجة والمنطق والحوار وبالدموع ايضا !! انها تستخدم الدموع للإقناع ومقاومة الحزن وتحمل الأعباء الثقيلة والتعبير عن ذاتها ..عن حزنها وشكها وقلقها وحبها ووحدتها ومعاناتها .. انها تمتلك قوه يدهش لها الرجال اذ يمكنها التضحية بكل شيء من اجل أحبتها ويمكنها الابتسام حتى وان كانت تصرخ ..تبكي حتى عندما تكون في قمة السعادة وتضحك حتى عندما تخاف ..تدافع عما تؤمن به وتقف في وجه الظلم رغم ضعفها ..لا تقول كلمة الا عندما يكون لديها بصيص امل بوجود حل افضل ..حبها غير مشروط فهي تبكي في نجاح أحبتها او حزن من يحيط بها ..انها تجد القوة دائما لتستمر في الحياة وتؤمن بأن القبلة والعناق يمكن ان يشفيا كل قلب منكسر ..لكنها تقع دائما في نفس الخطأ فهي لا تعرف قيمة نفسها ولا تعرف كم هي ثمينة ونادرة ..والغريب اننا ايضا لانعرف قيمتها الا بعد ان تغادرنا!
في عيدها الذي لا تحتفل به ..تحية لكل امرأة عراقية هبطت الى القاع لتمنح الحياة للآخرين ..وتحية لكل من حاولت ان تسمو بعراقيتها وتخدم الآخرين ..تحية لكل نساء العراق ..من طاولت بعنقها عنان السماء ومن تمر الحياة بجنبها وهي قابعة في القاع ..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: صنع في العراق

 علي حسين اخبرنا الشيخ همام حمودي" مشكورا " ان العراقي يعيش حاله من الرفاهيه يلبس أرقى الملابس وعنده نقال ايفون وراتبه جيد جدآ ، فماذا يحتاج بعد كل هذه الرفاهية. وجميل أن تتزامن...
علي حسين

قناطر: في البصرة.. هذا الكعك من ذاك العجين

طالب عبد العزيز كل ما تتعرض له الحياة السياسية من هزات في العراق نتيجة حتمية لعملية خاطئة، لم تبن على وفق برامج وخطط العمل السياسي؛ بمفهومه المتعارف عليه في الدول الديمقراطية، كقواعد وأسس علمية....
طالب عبد العزيز

تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.. من يكون رئيس الوزراء؟

إياد العنبر يخبرنا التراث الفكري الإسلامي بأن التنظير للسلطة السياسية يبدأ بسؤال مَن يحكم؟ وليس كيف يحكم؟ ولعلَّ تفسير ذلك يعود لسؤالٍ مأزومٍ في الفقه السياسي الإسلامي، إذ نجد أن مقالات الإسلاميين تبدأ بمناقشة...
اياد العنبر

هل الكاتب مرآةً كاشفة للحقيقة؟

عبد الكريم البليخ لم يكن الكاتب، في جوهره، مجرد ناسخ أو راوٍ، بل كان شاهداً. الشاهد على لحظةٍ تاريخية، على مأساةٍ إنسانية، على حلمٍ جماعي، وعلى جرحٍ فردي. والكاتب الحقيقي، عبر العصور، هو ذاك...
عبد الكريم البليخ
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram