حنون بن زاير علي غشيم ، فلاح من جنوب العراق ، له مع يوم الثامن من اذار ذكريات بعضها طيبة واخرى مريرة ، الرجل لم يكن منتميا الى حزب سياسي ، ولم يكن يخطر في باله ان يتعرض للملاحقة والاحالة للقضاء بتهمة انتماء شقيقه الاكبر لحزب يعد بنظر السلطة مصدر خطر دائم بافكاره الهدامة المستوردة من الخارج .
الراحل كان ملتزما بوصايا وافكار شقيقه وخاصة في ما يتعلق بالتعامل مع المرأة واحترامها سواء كانت ريفية او حضرية ، وفي اطار تنفيذه الوصايا بحذافيرها حرص على الاحتفال بيوم المرأة العالمي بتقديم الهديا لشقيقاته وزوجته وامه وبقية نساءالقرية الواقعة في ريف الدواية بلواء الناصرية قبل ان تتحول الى محافظة ذي قار ، وهداياه في اغلب الاحيان تقتصر على التهاني والقاء محاضرة موجزة حول مساواة المرأة بالرجل بعلاقة متضافرة بين الطرفين لاتثير اعتراض رجال الدين ، ومنهم عمه الشيخ طاهر الذي درس العلوم الدينية في حوزة النجف ، ولم يستطع مواصلة دراسته فعاد منها بلقب شيخ ، وحرص شديد على احياء واقعة الطف في ايام عاشوراء ، مع تقديم عرض فقير للتشابيه يكون زاير علي هو بطله الابرز لتقمصه الدور في الدفاع عن السبايا ممتطيا فرسه ، و مستخدما العمود الخشبي لانه لم يكن يمتلك السيف، في ملاحقة عسكر عمر بن سعد ، وسط صيحات التشجيع من النساء والاطفال للاقتصاص من القتلة .
الزاير كانت ترواده الرغبة في ان يكون نجله الاصغر حنون طالب علوم دينية في النجف ، ليواصل مسيرة عمه الشيخ حيدر ، لكن الظروف الاقتصادية الصعبة حالت دون تحقيق رغبة الاب ، فيما تولى الابن الاكبر مهمة تعليم شقيقه الاصغر القراءة والكتابة ، ترافقها محاضرات عن التفاوت والصراع الطبقي ودور البرجوازية في ترسيخ المفاهيم الرجعية المتخلفة ، والوقوف ضد تحالف الفلاحين مع البروليتاريا في اقامةالنظام الاشتراكي .
تعرض العراق الى سنوات الانحطاط السياسي ، اثر بروز الرغبة في الاستحواذ على السلطة بكل الوسائل والسبل ، ومنها القتل والاعتقال ، والمثول امام المحاكم الخاصة ،ونال حنون زاير علي كغيره من العراقيين حصته من جور السلطة فوقف امام القاضي بتهمة الاحتفال بمناسبات اجنبية دخيلة تهدد الاعراف والتقاليد الاجتماعية اليعربية الاصيلة ، وفي رده على السؤال التقليدي مذنب ام بريء، اجاب بلكنة جنوبية "بري" لدفع الشبهات واعطاء "دليل صوتي" على انه لم ينضم لاي حزب ، وبمفردة "بري " من دون لفظ همزتها ، حصل الراحل على البراءة، اما الشقيق الاكبر فصدر بحقه اكثر من حكم غيابي ، واثر ذلك لم تشهد قرية" العطرانية " احتفالا مختزلا على نطاق الاسرة بيوم المرأة العالمي ، وفي الثامن من اذار عام 1968 فارق حنون الحياة متاثرا بمرض عضال ، وتاريخ وفاته جعل اسرته تحمل ذكريات طيبة ومريرة عن هذا اليوم ، لكنها ظلت تستذكر مواقف المرحوم حنون "التقدمية" تجاه قضايا المرأة .
حنون زاير علي
[post-views]
نشر في: 7 مارس, 2014: 09:01 م