ضمن منهاجه الثقافي ضيّف نادي السرد في اتحاد الأدباء الدكتورة نوافل الحمداني بمحاضرة عن الصورولوجيا في الرواية العراقية، متخذة من الروائي مهدي عيسى الصقر نموذجاً.. وقد عرفت الصورولوجيا بأنها تعني علم الصورة. وقالت: تحتفي روايتا مهدي عيسى الصقر ر
ضمن منهاجه الثقافي ضيّف نادي السرد في اتحاد الأدباء الدكتورة نوافل الحمداني بمحاضرة عن الصورولوجيا في الرواية العراقية، متخذة من الروائي مهدي عيسى الصقر نموذجاً.. وقد عرفت الصورولوجيا بأنها تعني علم الصورة. وقالت: تحتفي روايتا مهدي عيسى الصقر رياح شرقية رياح غربية والشاهدة والزنجي بدلالات صورولوجية مبثوثة في سياقات نصوصهما، تتخذ أنماطا مختلفة يُرصد عبرها ما سجله العربي في ذاكرته عن الأجنبي مما يؤكد وعي الكاتب ونظرته الصورولوجية للمجتمعات، وإدراكه سماتها وانطباعاتها العامة عن بعضها البعض. تعد رواية رياح شرقية رياح غربية من الروايات التاريخية التي تجسد مرحلة تاريخية مهمة من حياة الشعب العراقي، ولابد من الإشارة إلى أن الرواية التاريخية تتميز بفنيتها عن الرواية التي تؤرخ كونها توثيقية، حسب رأي جورج طرابيشي، فهي تصور طبيعة العلاقات بين الجهتين، وما يكتنفها من صراعات تدار في حلقات متداخلة بين إحدى الشركات الإنكليزية التي تعمل في مجال صناعة السفن في مدينة الفاو وبين العراقيين على أرضهم مع اعتزازهم بتاريخهم ولغتهم، ونلحظ فيها، أن الموقف من الأجنبي لا ينطلق من زاوية نظر الشرق للغرب، بوصفه مستعمرا أو فارضا هيمنته على العرب، بل مما رسمه الكاتب من صور للشركات الأجنبية العاملة في العراق، وجسدته شخصيات الرواية، مما يُعطي صورة مصغرة عن ثقافة مجتمعها، فقد جسد مستر فوكس شخصية مدير الشركة، ولاشك في أنه يمتح سياسته الإدارية من إدارات السياسة الغربية ومصالح الشركات الكبرى، كونه إنكليزيا يقوم بمهمته في بلد نفطي ويمتلك لتنفيذ هذه المهمة مؤهلات عدة، فتسلط الرواية الضوء على عدوانية فوكس في تعامله مع العمال العراقيين، وتكشف جوانب من شخصيته تبدو متوارية وغامضة عند المتلقي، فتقدمه على أنه شرطي إنكليزي عمل في فلسطين قبل عام 1948 ، الأمر الذي نعده تصويرا مضمرا لارتباط الشخصية بالاستعمار الإنكليزي والتأسيس لزرع الكيان الصهيوني في قلب الأمة العربية، ويبدو أن خبرته بالعرب أهلته كي يعمل جاسوسا تحت مظلة الإدارة مستعملا ذكاءه ووعيه لمعرفة ما يحيط به ، فهو يمسك كل الخيوط في هذا المكان ويعرف عنهم كل شيء أو تقريبا كل شيء لديه عيون وأرصاد يأتونه بالأخبار، وتحتفي شخصية فوكس بإمكانات عالية من الرصد والتجسس، لا على دائرة العاملين بالشركة الضيقة بل تتعداها إلى فضاء أوسع يمكن أن يشمل البلد كله ، إذ كان يرسل ما يرصده إلى لندن حيث مقر شبكته، فكانت إضرابات العمال، والأسعار في الأسواق، النزاعات بين العشائر، وغيرها من الملاحظات المقتضبة التي تشير إلى ارتباطه مع جهات استخبارية، يحتفظ بها في أضابير خاصة ثم يرسلها ، وكأن شخصيته تجسيد لواقع إنساني انبجست منه، وما أُسند إليها من سلوكيات وتوصيفات مرتهنة بمظهرها الخارجي يكشف عن جوهرها، فقد بدا مترفعا ممتلئا استعلاء وشعورا بالتفوق الحضاري والقومي، قال وهو يرفع يده في وجوه العمال من أهل البصرة أنتم ليست لديكم فكرة بالطبع عن حجم المبالغ التي نحن أنفقناها من أجل أن نحقق هذه النتيجة.. يجب ألا ننسى بالطبع جهودكم..
وفي مداخلة للروائي أحمد خلف رحب خلالها بالدكتورة الحمداني وأشاد بمحاضرتها قائلاً: نبارك هذه المحاضرة الشمولية التي تعرضت إلى مفهوم جديد وقديم في الوقت ذاته عن صورة الآخر.. وهي صورة متبادلة بين الرجل الشرقي ونظرته إلى الرجل الغربي، اعتباراً من كتاب رفاعة الطهطاوي ورسمه صورة باريس والمجتمع الفرنسي. كذلك كتاب عصفور الشرق لتوفيق الحكيم. وكذلك طه حسين وسهيل إدريس في روايته (الحي اللاتيني) .