TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > يليهن عشرات سمان

يليهن عشرات سمان

نشر في: 8 مارس, 2014: 09:01 م

يراهن النظام السوري اليوم، على عدم انعقاد جولة ثالثة من مؤتمر جنيف، ويتمنى أن ينسحب الأخضر الابراهيمي من موقعه كمبعوث دولي وعربي، يبحث عن حل تفاوضي للأزمة السورية المستمرة منذ ثلاث سنوات، والمُتوقع عند كثير من المراقبين والخبراء، أنها ستتواصل عشر سنوات أخرى، في ظل شعور الأسد بأن موقفه تعزز، ليس بالدعم الروسي والإيراني بالسلاح والمال فحسب، وإنما نتيجة استراتيجيته القائمة على عدم الاصطدام مع الحركات المتطرفة، وتركه "الجهاديين" يلعبون دوراً مشبوهاً في صفوف معارضيه، ما أدى إلى فقدان هؤلاء الثقة لدى الدول الغربية التي عدلت عن زيادة دعمهم خشية وقوع السلاح بيد المترفين، والنتيجة أن سقوط الأسد لم يعد حتمياً، كما كان يعتقد الكثير من المحللين قبل عام، كما أن بروز حالة الانقسام الطائفي بشكلها الحاد، وبمضامينها المتزمتة وبما يعني انعدام إمكانية التفاوض، سيولد شروطاً إضافية لاستمرار حالة عدم الاستقرار، خلال المرحلة المقبلة من حياة الدولة السورية.
رغم نفيها الخجول، فإن واشنطن تعتقد بأن من الأفضل أن يبقى الأسد في السلطة، لأن المتطرفين يشكلون تهديداً أكبر لأمنها الوطني، مع أنها تعرف أنه ما دام الأسد باقيا في السلطة، فإن الحرب الأهلية ستستمر، وستتوسع رقعتها، ولن يكون مُجدياً التشدق بأنها لا تزال تعمل مع شركائها في المنطقة، لاستشراف ما يُمكن القيام به، وبحث السبل التي تُمكّن الولايات المتحدة من تقوية دعمها للمعارضة المعتدلة، وهي سياسة ملتبسة تنقصها الرغبة الحقيقية في إنهاء الحرب، التي تستقطب "الجهاديين" من كل صوب، ليعود كل واحد منهم وقد تسلح بالتجربة القتالية، اللازمة للقيام بعمليات في بلده، أو أي بلد "كافر" على وجه الكرة الأرضية.
تُراهن بعض الدول الغربية، بأن الأشهر المقبلة ستكشف خيبة أمل نظام الأسد والذين معه، في الانتصار على المعارضة، ويستند رهانها على نيتها تقديم بعض المساعدات للمعارضة، وبما يسمح لها بالصمود ويمنع النظام من سحقها، على ان لا يؤهلها ذلك للتفوق عليه، وإلى ما بعد الانتخابات الرئاسية التي سيفوز فيها بالتزوير، فان من المُرجح أن ينجح في احتلال يبرود، دون اكتراث بحجم الخسائر في صفوف قواته وقوات حلفائه اللبنانيين، ما سينجم عنه انطلاق مرحلة جديدة ومعقدة من الكراهية الطائفية، وبحيث يستهدف رد المعارضة أو ثأرها، أبناء الطائفة العلوية، بمن فيهم علويو جبل محسن في لبنان، وبحيث يكون لانتصاره في جبال القلمون طعم الهزيمة المر، الذي ستتذوقه معه طهران وموسكو.
تخطط دمشق، وليس بالضرورة أن تنجح مخططاتها، للسير في خطين متوازيين، أولهما مواصلة القتال ضد المعارضة، والثاني مواصلة الحوار الداخلي مع ما تصفه بالمعارضة الوطنية، وبضمنها الجبهة الوطنية التقدمية لصاحبها حزب البعث العربي الاشتراكي، التي تقبل ببقاء الأسد ونظام حكمه، مع بعض التغييرات في الديكور الخارجي، وفي الأثناء تشجيع بعض المصالحات على الطريقة العشائرية، وبما يخفف من خسائر الجيش النظامي، فيما تتعامل المعارضة مع أمر كهذا باعتباره هدنة لإدخال المساعدات الإنسانية، إلى السكان المحاصرين من قبل قوات النظام منذ أشهر، في عدد من المناطق التي تتم فيها "المصالحات الوطنية"، وإذا كان المتفرجون عن بُعد، والذين خططوا لهذا المآل، يعدون السوريين بعشر سنوات عجاف، فإن منطق التاريخ وإرادة الشعوب، تؤكد أنه سيليهن عشرات من السنوات السمان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

 علي حسين عزيزي القارئ.. هل تعرف الفرق بين المصيبة والكارثة؟، المصيبة يمكن أن تجدها في تصريح السياسيين العراقيين وجميعهم يتحدثون عن دولة المؤسسات، وفي الوقت نفسه يسعون إلى تقاسم المؤسسات فيما بينهم تحت...
علي حسين

أزمة المياه في العراق وإيران: تحديات جديدة للاستقرار الإقليمي

د. فالح الحمــراني حذرت دراسة أعدها معهد الشرق الأوسط في موسكو من ان أزمة المياه بإيران والعراق المتوقعة في نهاية هذا العام قد تفضي الى عواقب بعيدة المدى، تؤثر على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة،...
د. فالح الحمراني

العراق.. السلطة تنهب الطقس والذاكرة

أحمد حسن على مدار عشرين عاما، تحولت الثقافة في العراق إلى واجهة شكلية تتحكم بها مجموعات سياسية تدير المجال العام كما تدير المغانم. وفي ظل هذه الوضعية لم تعد الثقافة فضاء لإنتاج الوعي أو...
أحمد حسن

لماذا تهاجم الولايات المتحدة أوروبا بسبب حرية التعبير؟

فابيان جانيك شيربونيل * ترجمة : عدوية الهلالي «أعتقد أنهم ضعفاء. الأوروبيون يريدون أن يكونوا ملتزمين بالصواب السياسي لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون." لفهم الموقف الأمريكي تجاه القارة العجوز، يصعب إيجاد تفسير أوضح...
فابيان جانيك شيربونيل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram