التصوير الفوتوغرافي ذاكرة وسجل وأرشيف وحاضنة ذكريات تؤشر لما كان ولما آل إليه المكان أو الزمان أو الإنسان. وهو بعكس الكلمة التي قد تكون مكتوبة بمزاجية وعواطف الكاتب , تنقل بأمانة الواقع المصور مما يساعدنا على التعرف بدقة على الموضوع واستمرار المعايشة
التصوير الفوتوغرافي ذاكرة وسجل وأرشيف وحاضنة ذكريات تؤشر لما كان ولما آل إليه المكان أو الزمان أو الإنسان. وهو بعكس الكلمة التي قد تكون مكتوبة بمزاجية وعواطف الكاتب , تنقل بأمانة الواقع المصور مما يساعدنا على التعرف بدقة على الموضوع واستمرار المعايشة معه على مر العصور . ولهذا فالمصورون البارعون هم كنز معلوماتي نغرف منهم المادة الخام للكتابة والتحليل والمقارنة .
والراحل المبدع الكردي العراقي (فؤاد شاكر) أحد هؤلاء . أحرق أكثر من (40) عاما من عمره في هذا الفن الجميل والممتع والمهم ليصبح بحق (شيخ المصورين) الذي يجوب الأزقة البغدادية ينقل البسمة والدمعة والألم والحزن والفرح متجولاً في الأزقة الفقيرة حيث طابع الحياة اليومية وكانت الحصيلة (23) معرضا ،أولها عام (1967) ، وآخرها عام (2001) تراكمت خلالها شهرته عراقياً وإقليمياً ودولياً .
فؤاد شاكر لم يكن مقلدا أو مجرد هاوٍ أو مكتفيا بالتصوير العشوائي , وإنما كان بإجماع المهتمين بهذا الفن علامة إثراء وإغناء نوعي , أو كما قال المصور الفوتوغرافي هاتف فرحان عن احد معارضه : "انه يؤرشف بالصور المبدعة تاريخ العراق من خلال حياة الناس بالتقاطات ذكية وحرفية عالية " .
فالذكاء يعني اختيار موضوع الصورة ،والحرفية تعني الزاوية الملتقطة ووقت التقاط الصورة والجزء الذي يجري التركيز عليه لتكون الصورة اكثر من مجرد نقل وإنما نقل وإلهام ورمزية وإيحاء .
الواقع ان التصوير الفوتوغرافي في تطور إلى آفاق جديدة مثل كل الفنون الأخرى في الدول المتحضرة , ليصبح فنا قائما بذاته , لاسيما في عصر صارت الصورة الواحدة تعادل بحق ألف كلمة , لأنها تحمل صفة الاختزال والإيجاز الذي يجعل الرسالة المطلوب إيصالها تؤدي فعلها بأقصى سرعة وبشكل متكامل .
فؤاد شاكر فنان ستفتقده طويلا الأزقة والمحلات البغدادية التي كان الفنان حامل لحظات أفراحهم وأحزانهم وهمومهم بجهاز تصوير حاد الذكاء وبقلب عامر بمحبة الناس وبعواطف اتقدت أربعة عقود لأرشفة الأماكن والأزمنة والمظاهر والظواهر وتحولات الإنسان العراقي .إنها إذاً قصة الحب الطويلة والطويلة جدا ً التي جمعت (فؤاد شاكر) بالناس البسطاء والنساء والأطفال الحاملين لمشاعل الحياة التي تنطفئ تارة وتارة تخفت وأخرى تشتعل، وفي كل هذه الدورة كانت كاميرا (فؤاد شاكر) تدور معهم .
رحل فؤاد شاكر الذي صورنا جميعا، فهل لنا أن نحتفظ بذكرى عزيزة هي صورة ضريحه العامر الأخضر التي لا شك أن كاميرا الذاكرة العراقية بيتها ومكان خلودها.
جميع التعليقات 1
احمد حسون
للعمل الاعلامي مهنية ومصداقية ووفاء وهذه المقومات غابت عنكم في هذا المقال الواضح ان المقال اراد ان يوفي القليل لهذا الصرح الفوتغرافي لكنكم لم توفوا حق (ملتقط الصورة الفنان الرائع علي الفهداوي)