rnيكتبها: عبدالقادر البراككان الكاتب الكبير المرحوم فهمي المدرس من المؤمنين ان مايصدر عن الحكومة البريطانية- وما يصدر عن الساسة البريطانيين من تصريحات واقوال واراء لاتنطبق الفاظها انطباقا حقيقيا على المعاني التي تتوخاها الاطراف المعنية من هذه التصريحات والاراء. ولذلك فقد نهج في تفنيد المعاهدة العراقية – البريطانية عام 1930 نهجا فريدا في تقليبه لوجوه المعاني التي تنصرف اليها الفاظ تلك المعاهدة!rn
rnوكان للمرحوم (المدرس) عذره في ذلك فلقد اجاب احد الساسة البريطانيين على سؤال وجه اليه حول اسباب وجود الاسطول البريطاني في المياه الاقليمية لمصر فتجاهل ان وجود هذا الاسطول هو عدوان على استقلال البلد الذي يرابط فيه وانه عدوان على سيادته الوطنية ولكن للانكليز منطقهم الذي اجمله احد ساسة العراق بقوله (ان الانكليز حين يواجههم العراقيون بالحقائق يجابهونهم بمثل القول الذي يردده العامة (زين تكون لكن موش تماما)!.rnتداعت على ذهني هذه الخواطر وانا استعرض ماقاله لي المرحوم مصطفى علي احد رؤساء الوزارات العراقية في العهد الملكي اثر الاعلان عن الغاء (امتياز شركة تنوير بغداد الكهربائية الانكليزية) وتحويلها الى (مصلحة وطنية) وكان طلب تأميم شركة الكهرباء في طليعة ماكانت تطالب به الاوساط الوطنية في العراق وهو من المطاليب الثابتة.rnوقد سألني العمري هل قرأت جريدة (الشعب) اليوم؟! وهل تأملت في اخبار مرسالها من لندن؟ فاصطنعت طريقته في ادعاء عدم الاطلاع وكان العمري يؤكد في مجالسه انه لايطالع الصحف مع العلم بأن احاديثه في المجلس تنم عن قراءته لكل ما تنشره الصحف وحتى اعلانات المحاكم!rnقال: كان يجب ان تقرأ اخبار جريدة (الشعب) لان فيها ما يسر الوطنيين الذين طالبوا بتأميم شركة الكهرباء.rn-قلت: وماذا في ذلك؟.rnاجاب: هل سمعت في العالم ان شركة اجنبية تعمل في بلد ضعيف تؤمم فترتفع اسهمها في العالم.rn-قلت: لا..rnقال: ان السير كورنواليس الاستعماري العريق الذي عمل طويلا في العراق وشغل في وقت ما وكالة وزارة الداخلية في مطلع قيام كيانه الحديث هو اليوم مدير شركة الكهرباء الوطنية، وقد جاء الى بغداد فحمل المسؤولين فيها على اعلان شكلي لتأميم الشركة المذكورة وتخليص الشركة من التزامات كانت قد تعهد بها كان تقوم بجعل اسلاك الكهرباء داخل الارض بدلا من مدها فوق الارض على الاعمدة وكانت الشركة ملزمة بمد شبكاتها الى جميع انحاء بغداد- مهما اتسعت ارجاؤها- وكذلك كان عليها اقامة (ترامواي كهربائي) لنقل سكان بغداد بين اطرافها المترامية،?واستحصل كورنواليس للشركة تعويضا ضخما اغرى المضاربين باسهم الشركات في لندن على الاقبال لشرائها فارتفعت اسعارها وانها بهذا التأميم الظاهري ربحت ربحا كبيرا اذ ستستثمر الاموال التي حصلت عليها في بلدان اخرى فتحصل من الاستثمار ما حصلت عليه من ارباح في العراق!rnواستطرد العمري يسأل: هل انت مطلع على العقد المبرم بين الشركة وبين كل مستهلك يصل الى بيته الكهرباء؟rn-قلت: له، لا لانه عقد يتألف من عشرات الصفحات.rnاجاب: اذن كيف تطالبون بامور وانتم غير مطلعين على تفاصيلها. rnفلم املك الا السكوت! rnقال العمري: ان مايصدر عن البريطانيين من اقوال وتصريحات وعهود لايدلل ظاهرا على ما تنطوي عليه وقد تناولت الاحتكارات البريطانية شعار التأميم من الاوساط الوطنية لتتخلص من تبعات عقودها الخاصة بمد سكان بغداد بالكهرباء!rnولم اكن حين جرى هذا الحديث بمستوى الاحداث من الناحية الفكرية والسياسية، لكني فكرت ترى ما قصد العمري بحديثه هذا وهل يريد اتهام الحكومة بالتفريط في مصالح البلاد باستخدام الشعارات الوطنية استخداما مضللا يؤدي الى عكس ماهو مطلوب من مكاسب للشعب، وكيف يصدر هذا منه وهو من اقطاب الطبقة الحاكمة يومذاك!.rnوقد خلصت من ذلك الى انه ليس الساسة الانكليز وحدهم هم الذين يدلون بالبيانات التي يختلف ظاهرها المبهج عن باطنها المؤلم، وكان بوسع العمري ان يثير ماقاله في مجلس الاعيان يوم اصبح من بيان اقطاب معارضيه في اواخر العهد الملكي ورحم الله فهمي المدرس فلقد كان على حق في عدم اخذه بظاهر الاقوال لانها لاتطابق الافعال خاصة حين تتعلق باعطاء الشعوب حقوقها المغصوبة وآمالها المرغوبة!. rnجريدة البلاد / اذار 1965rn
ذكريات ايام زمان
نشر في: 28 سبتمبر, 2009: 06:17 م