TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > من أين لكم هذا؟

من أين لكم هذا؟

نشر في: 14 مارس, 2014: 09:01 م

يقول شكسبير ان الخوف من الكارثة غالبا مايكون أشد إيلاماً من العلم بوقوعها ، ونحن ننتظر ماسيحدث وينمو فينا خوفا من الكوارث المقبلة ..فبينما تنتظر اغلب الشعوب الديمقراطية الانتخابات البرلمانية لتحتفل بها كعرس جماعي ، ننتظر ،نحن العراقيين ، انتخاباتنا بوجل وتوجس ويأس من التغيير الذي ننشده لطي صفحة واقع مرير نعيشه الآن بكل تداخلاته وفتح صفحة جديدة لواقع مشرق نتلهف لقدومه على يد أي مسؤول يشعر بقيمة العراق وثمن الدم العراقي وحق المواطن في العيش بسلام واستقرار وكرامة..
يسأل العراقيون بعضهم البعض : "من ستنتخب؟" وتجدهم إما حائرين بين اختيار وجوه سبق لهم اختيارها ولم تمنحهم الأمل بالحياة او معرضين عن المشاركة في عملية الانتخابات برمتها ليأسهم من التغيير او رفضهم لما سيحدث من تزوير ، وقد تجدهم يائسين من إقامة الانتخابات في مثل هذه الظروف مع توقع تأجيلها بوجود آلاف النازحين من المناطق الغربية فضلا عن التداعي الخطير للأوضاع الأمنية وسياسات الإقصاء لبعض المرشحين المهمين وتأجيل انطلاق الدورة الإعلامية للمرشحين . فكل ماسبق مؤشرات على أن الانتخابات إن جرت فلن تكون نزيهة او معبرة عن إرادة الشعب العراقي لما فيها من مصادرة للحريات والقوانين..
بعض العراقيين صدمتهم أخبار فضائح الفساد المالي التي التصقت بأسماء المسؤولين ولم يتوقعوا ان تذهب أموال الدولة لعلاج (بواسير ) نائب او لشراء قصرعلى ضفاف دجلة لنائبة شهيرة بأمر رئيس الوزراء وشاليه في شرم الشيخ لنائب همه الأول النزاهة وعمارات في بريطانيا باسم قريبه وشهادة دكتوراه ممنوحة غيابيا لابن نائب لرئيس الجمهورية ولم يتوقعوا ايضا ان يخلع احد النواب عمامته الشهيرة التي تدل على انتمائه الديني والعقائدي ويتجول في بريطانيا بالجينز ساحبا أمواله بالفيزاكارد ليمتع نفسه وعائلته ..فضائح لاحصر لها جعلت العراق يواصل تقدم البلدان في سلم الفساد المالي بعد الصومال التي لاتوجد فيها حكومة متماسكة ، وماينمار التي يحكمها مجلس عسكري ، وجعلت الشعب العراقي يغص بسؤال يريد توجيهه للمسؤولين : " من أين لكم هذا ؟" .....
عراقيون آخرون توقعوا ان ينفذ النواب نصيحة نائب من زملائهم بضرورة إنهاء الخلافات السياسية واستغلال الوقت المتبقي من عمر مجلس النواب لتحسين صورة المجلس وعمله وإقرار اكبر قدر ممكن من القوانين المتعلقة بالمواطن والعملية السياسية ، لكنهم نفذوا الشطر المتعلق باستغلال الوقت المتبقي من عمر مجلس النواب فقط فاستغلوه ابشع استغلال في إحراز اكبر نسبة ممكنة من المكاسب المادية واستخدام أمواله في دعاياتهم الانتخابية وإقرار القوانين التي ضيقت السبل أمام الشعب العراقي كقانون تقاعد النواب والخدمة الجهادية وقانون الأحوال الشخصية الجعفري وتسويف قانون الموازنة رغم تمسك رئيس الوزراء بحق انفاق أموال الموازنة العامة حتى اذا لم يقرها مجلس النواب لتمتعه بصلاحيات وسلطة تجاوزت حدود المعقول في عالم الديمقراطية التي وعدنا بها ورفاقه منذ اول انتخابات سعى لها الشعب متحمسا فخاب امله ..
من سننتخب إذن؟ ..الفاسدين ..سارقي أموال الشعب ..الكاذبين ..ام المتسلطين؟ لا أظننا نريد كل ذلك ..نحن نبحث عن المخلصين ..الشرفاء والنزيهين وان لم نجدهم او نعرفهم او اكتسحتهم أمواج اعلى واقوى منهم فسنكتفي بالترحم على الديمقراطية المتوفاة منذ ولادتها ..ألا يحق لنا إذن ان نخاف من وقوع كارثة بحلول الانتخابات ؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابو سجاد

    كنت امني النفس بان هناك طريقة قادمة للتغيير رغم كل الشكوك والخوف الذي ينتابني ولكن بعد هذا العمود الحر ومن السيدة الفاضلة عدوية تبدل الخوف وللاسف الى ياءس كل ماطرحتيه سيدتي هو صحيح ولاغبار عليه ولكن كنت اتمنى ان لاتقوليه لعلنا نبقى نحلم ببناء وطن حر اكبير

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram