بألف شكل وشكل يعبّر الفاشلون في دولتنا عن فشلهم ، وبألف وسيلة ووسيلة يعلن الفاسدون عن فسادهم، وبألف طريقة وطريقة يكشف المحتالون عن احتيالهم، وبألف أسلوب وأسلوب يسعى الفاشلون والفاسدون والمحتالون لما يظنونه انه ضحك "مضبوط" على ذقوننا!
اختاروا ما تشاؤون من المدن، ثم ما ترغبون من الشوارع والأحياء وتمشّوا فيها .. ألم تلاحظوا هذه اللافتات الكبيرة التي تزاحم صور السياسيين ورجال الدين واللافتات الانتخابية المبكرة ( وهذه واحدة من الألف حيلة وحيلة لمحتالينا رغم أنف المفوضية "المستقلة" للانتخابات) التي تشوّه وجوه مدننا على نحو مقرف؟ .. إنها اللافتات التي تعلن عن "إنجازات" للوزراء والمحافظين ورؤساء مجالس المحافظات، بل حتى مدراء البلديات وأقسام الخدمات في الوزارات؟
"برعاية السيد وزير كذا حفظه الله ورعاه، تم افتتاح (أو نصب أو تشييد) بناية كذا وكذا، أو محطة كذا وكذا، أو منشأة كذا وكذا"؟. أو: "بإشراف أو بأمر المحافظ كذا او المدير كذا أو رئيس القسم كذا، تمّ كنس الشارع الفلاني أو تشجيره أو مدّ أنابيب الماء... أو .. أو..."!
الوزير والمحافظ ورئيس مجلس المحافظة ورئيس المؤسسة ومدير المديرية ورئيس القسم، كلهم موظفون في الدولة يتقاضون رواتب ومخصصات مجزية وينالون رواتب تقاعدية كبيرة عن أعمالهم، وليسوا متطوعين في جمعيات خيرية يبذلون جهداً وينفقون وقتاً لوجه الله تعالى أو في سبيل الوطن والمواطن. وافتتاح وإقامة المشاريع وكنس الشوارع ومدّ شبكات الماء والكهرباء والمجاري، هو في صلب واجبهم الذي يتقاضون عنه، كما سائر موظفي الدولة، رواتبهم ومخصصاتهم وحقوقهم التقاعدية، فبأي حق وبأي مسوّغ يحوّل هؤلاء الموظفون واجبهم الى منّة وفضل علينا؟
انه في الواقع واحد من ألف نوع ونوع للفساد الإداري في هذه الدولة، حيث يستثمر موظف الخدمة العامة نتاج واجبه في الدعاية الشخصية له باللافتات المكتوبة بخط كبير، ومقرون بعضها بصورهم الشخصية.
هذا يشبه ما شاع في السنوات الأخيرة من مظهر للحيلة والفساد المالي والإداري في مؤسسات الدولة الثقافية والإعلامية. لنحو قرن من الزمان ظلت "أفيشات المسرحيات والأفلام" لا تعلن إلا عن المخرج والمؤلف وممثلي أدوار البطولة وسواهم من الكادر الفني الأساس والمساعد. وهذا تقليد قائم وراسخ ومحترم حتى الآن في كل الدول إلا دولتنا الفاشلة، فالأعمال المسرحية أو السينمائية وسواها في دولتنا تتصدر "أفيشاتها" أسماء رؤساء المؤسسات بصيغة "المشرف العام" وأسماء رؤساء الأقسام بوصفهم "المشرف الفني"!. الأنكى من هذا ان هؤلاء "المشرفين" الذين لا يشرفون على شيء، يتقاضون عن "إشرافهم" الذي "لا محل له من الإعراب" في هذه الأعمال الفنية، اجوراً تزيد في الغالب عن أجور المؤلف أو المخرج أو الممثل أو الفني، وتُصرف هذه الأجور حالاً وفوراً!
نعم، يحدث هذا في دولتنا بخلاف سائر دول العالم .. والسبب بكل بساطة أننا دولة الفاشلين والفاسدين والمحتالين بامتياز.
دولة الألف وألف..!
[post-views]
نشر في: 14 مارس, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 3
ستار العراقي
ٍسآخذ بنصيحة هاشم العقابي للسيد عمار الحكيم بتسمية المسيئين ، لماذا لا تسمي لنا يا سيد عدنان حسين كل من الفاشل الأول والفاشل الثاني والفاشل الثالث في دولة الفشل؟
Qasim Sarhan
يا استاذ عدنان اذا المسؤلين يشاهدون سيارات الزباله مكتوب عليها هدية رئيس الوزراء شلون ما يكتبون منجزاتهم بالشوارع ...
ابو اثير
أستاذنا الفاضل.. نعم أؤيد الى ماذهبت اليه في مقالتك واكبر دليل لمقولتك هو عندما يمر المواطن من قرب دائرة المسرح الوطني سيشاهد لافتة أعلان لمسرحية تقدم من على خشبة المسرح الوطني ومكتوب على اللافتة وبالبونط الكبير بأشراف أبورغيف مدير عام دائرة السينما والمس