قد لا ألوم مواطنا عاديا، من أهل الله كما يقولون، لو انطلت عليه لعبة الطائفية من أي طائفة أو مذهب كان. لكن الذي يحيرني اجتهاد بعض مثقفينا، وإجهاد أنفسهم أيضا، في إخفاء نوازعهم الطائفية ظنا منهم انهم نجحوا في ذلك. الطائفية كالسرطان قد لا يحس المصاب به حتى الممات.
عندما كنت أكتب وأظهر في وسائل الإعلام منتقدا صدام حسين، قبل سقوطه بسنوات طوال، اتهمني كثير من طائفيي السنة، وأغلبهم من العرب، بأني طائفي. وبالمقابل رحب بي الكثير من الشيعة للسبب ذاته. لم أسمع واحدا، خاصة من مثقفي الشيعة، يلومني لأني أركز على انتقاد صدام وحده دون غيره، بل على العكس كانوا يعدون ذلك لي "مجدا" ما زالوا يحثوني على العودة إليه رغم ان صدام قد انتهى جسدا وروحا منذ سنوات. لكن بعضهم الآن ينتقدني بشدة لأني أركز على أخطاء المالكي من دون ان يفندوا رأيا واحدا لي فيه حول فشله في حماية أرواح العراقيين وخاصة الشيعة منهم. صحيح انه لم يكن هناك برلمان يلام في زمن صدام، لكن البرلمان الحالي، ومن يوم عجز عن سحب الثقة عن المالكي، اصبح بحكم العدم. لا أجد تفسيرا واحدا لاتهامات الأولين والآخرين غير أنها طائفية صرفة. لا أحد في الطرفين نظر لجرائم صدام وكوارثه ولا لتخبطات المالكي وسوء فهمه بإدارة شؤون الدولة والملف الأمني، بل إلى مذهبيهما. عند الطائفي السني يجوز للسني الحاكم ما لا يجوز للحاكم الشيعي وعند الطائفي الشيعي، العكس هو الصحيح. فالشيعي الذي مجّد صدام بمعلقات شعرية أو حتى ساهم معه في قتل أبناء جلدته ولعب ما لعب، لا يهم ان كان يرى في المالكي مختارا للعصر. وكذلك يصبح عندهم السني "خوش آدمي" إن صفق للمالكي أو غازله بعين الرضا.
الذي أظهر هذه الكوامن سؤال واجهني به مثقف شيعي أكنّ له احتراما خاصا: لماذا تدافع عن السنة، يا هاشم، بينما لم يدافع عن الشيعة مثقف سني واحد في الأيام التي كان فيها صدام يجهز علينا؟ ثم أصاف: عليك ان تعترف يا صديقي بانك تدافع عن السنة والكرد كثيرا. أجبته: نعم أَعترِف، سألني ليش؟ سألني وأجبته، وفي الغد أعرض عليكم جوابي.
أسئلـة طائفيـة
[post-views]
نشر في: 15 مارس, 2014: 09:01 م