TOP

جريدة المدى > مقالات رئيس التحرير > كتاب غينس يختار عبعوب ضيف شرف.. شرُ البليّة ما يُضحك.. ويُبكي...!

كتاب غينس يختار عبعوب ضيف شرف.. شرُ البليّة ما يُضحك.. ويُبكي...!

نشر في: 15 مارس, 2014: 09:01 م

ليس أفضل من النوادر الشعبية المتداولة شفاهاً، في التعبير عن الشخصيات الخرافية، والبطولات الزائفة، وأنواع الجن والسحر، والفنون المتخيلة. ولنا في الف ليلة وليلة، وعنترة بن شدّاد، وابوعرام، والطنطل، وقصص الحكواتي المنقرض، خير أمثلة وذخيرة شعبية، ملأت حي

ليس أفضل من النوادر الشعبية المتداولة شفاهاً، في التعبير عن الشخصيات الخرافية، والبطولات الزائفة، وأنواع الجن والسحر، والفنون المتخيلة. ولنا في الف ليلة وليلة، وعنترة بن شدّاد، وابوعرام، والطنطل، وقصص الحكواتي المنقرض، خير أمثلة وذخيرة شعبية، ملأت حياتنا، يوم لم تكن السينما والتلفزيون قد دخلتها، وأفقدتها متعة الانتظار والمفاجأة.

إن كنزاً من النوادر الحقيقية، لا المتخيلة، المعاشة، لا المتواترة، تزخر به حياة العراقيين اليومية، دون ان تنقطع عنهم، ليل نهار، صبح مساء، في الذهاب إلى العمل والدراسة والتسوق، والاياب منها. ولا يشكل فرقاً، ان نوادرنا في ظل الاوضاع الراهنة، التي انقلبت فيها المفاهيم والقيم، بعضها يتغلف بالأسى، وبمسحة من الحزن، وبعضها الآخر، يتفجر بالكوميديا السوداء، التي سرعان ما تثير الضحك! انما هو "ضحك كالبكا" ويفيض.
ومن بين مستحدثات العراق الجديد، ظهور نوادر، لـ"قصخون" ما بعد الحداثة. فالحكواتية الذين يبرعون في اطلاق النوادر، بصيغ تشويقية، يحير السامع في تصنيفها، أهي نادرة كوميدية بحتة، ام كوميديا سوداء، ام انها من فصيلة "عركَـ النسا" التي تجعل من المصاب بها، يزحف عليك بحكاياتٍ لا بداية لها ولا نهاية، لعله وهو يقُص ويتخيل ألوان الثناء التي تنهمر عليه، ينسى مواجعه، ويقتل وقتاً يتقلب فيه من الألم والوحشة والوحدة.
في العراق الجديد، أصبحت الحياة بكل تفاصيلها أبواباً مفتوحة لنوادر، ستعيش على سردها أجيالٌ قادمة، ترثها عن هذا العراق، بعد أن يأتي اللصوص والمحتالون ونبّاشو المقابر والحرمات، على ما فيه من خيرات. ويبدو أن هذا الذي نحظى به، منّةٌ سماوية، لتجاوز كل مصائبنا ومحننا، وإلا كيف يمكن أن نعبرها، دون أن نتسلى بصخرة عبعوب، وكل الصخور التي تنهال على رؤوسنا من قادة دولتنا الفاشلة. 
أليست من باب النوادر التي لا تعلو عليها نادرة متداولة على ألسنة جداتنا الفقيدات والحكواتية البارعين، ان الصخرة التي اكتشفها عبعوب، فصار ذلك فأل سعده ليصبح أميناً لبغداد، استطاعت أن تُغرق بغداد وعواصم محافظات جنوبية، وظلت خافية على أعين حكومتنا الساهرة طوال سنوات بانتظار عبعوب، ليأتي به القدر منقذاً!
بعد أن اقرت الحكومة ورئيسها بالتآمر "الصخري" على العاصمة، وترفيع مكتشفه، دون ان تنفع كل صيحات السخرية والاستنكار من الناس "اولاد الخايبة" في ثني القادة الكبار عن مواصلة النكتة السمجة، ووضع حد لتداعياتها، وجد عبعوب فرصة مواتية، ليرمينا بصخرة، من شأن سقوطها على مبنى التجارة العالمي المغدور في نيويورك، ان تجعله يتفتت ويتساقط ليتحول الى رماد لا أثر يبقى منه!
عبعوب، هذه المرة، تنبّه إلى اننا قطيع من فاقدي الحس بالنكتة السيارة، فابتكر ما يهز أضلاعنا من الضحك والسخرية. وأطاح بالضربة القاضية كل العراقيين الذين ضعُف إيمانهم بوطنهم وعاصمتهم، بعد ان تنكروا لمعجزات حكومتهم، فاتهموها بالفساد والغش ونهب المال العام، وغير ذلك من الأوصاف المتدنية التي لا تليق. قال عبعوب بثقة المنتصر وعلى مرأى من ملايين العراقيين الذين تابعوه في اليوتيوب، بعد التلفزيون، ان بغداد "اجمل وانظف" من دبي، ونيويورك، ودزينة من عواصم العالم، وهو اذ يردد ذلك ويزيد عاصمة بعد عاصمة، لم يرف له جفن، ولم يتبسم، بل التزم بقيافة الوقار والصرامة.
بغداد أنظف واجمل من كل عواصم الدنيا، لكنها تحتاج الى عدة ولايات لعبعوب، هذه المرة..!
استعدت وانا اتابعه، اكثر من نادرة، من النوادر البغدادية، وانا اذ أسوقها، لا اريد بها، تشبيهاً بعبعوب، او بغيره، إنما لا بأس أن تؤخذ كنادرة، نخفف بها من حالة الكدر التي تغم حياتنا، وربما حياة عبعوب نفسه.
قيل ان ابو عرام، ابن الحارة القديمة، متبطل يقضي يومه في مقهى الحارة، يقص على رواده، ما قام به من بطولات ليلية، بقتل ذئاب ضيعت طريقها، او ملاحقة لصوص والثأر منهم، واستعادة المسروقات منهم دون ان يهتدي لأصحابها، او صيد غزالٍ او فيل او أسد. وابو عرام، كان يرتاد المقهى، بعد ان "يدهن شاربه" بشحمة يحفظها لهذا الغرض. 
وفي غمرة انهماكه بقص مأثرة الليلة الماضية، التي انتهت بصيد غزال، وشيّها، والتهامها بلحمها وشحمها (كان وهو يتحدث يبرم شاربه الملوث اللامع بدهن الشحم) دخل احد اولاده راكضاً وهو يصرخ "عبع.. عفواً ابو عرام: شحمة شواربك أكلتها البزونة"!
ويعرف العراقيون قصة الوجيه البغدادي، وولده الضال الذي لم تنفع معه كل وسائل الردع، فطرده من البيت. ثم انقلبت الأحوال بالوجيه ففقد ثروته، وأصابه العوز والعمى، وأصبح شحاذاً يجوب أحياء بغداد.
ويوماً ما، سمع عربة تقف، ثم تنادى البعض قائلين إن والي بغداد وصل.
نزل صاحب العربة وسأل "الوجيه الاعمى": ها اعمى العين عرفتني؟ فأجابه الوجيه الأعمى: طبعاً.. انت ابني. فأعاد عليه السؤال بصيغة اخرى: ما تعرف آني منو؟ قال الوجيه الاعمى: طبعاً.. انت والي بغداد! فنهره الوالي قائلاً : تتذكر شچنت اتكلّي؟ 
قال له الوجيه الأعمى، بحكمة البغاددة: طبعاً اتذكر، كنت اكلّلك ما تصير آدمي، بس ما كلِتْلَكْ ما تصير والي بغداد..!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. علي السالم

    هناك قصة قديمة عن الرجل الذي كان ينبش القبور ويسرق اكفان الموتى وعندموته سمع ابنه ان الناس كانوا يلعنون ابيه على ماكان يفعله فأقسم بانه سيجعل الناس يترحمون على ابيه فلم يكتفي بسرقة الكفن ولكن كان يضع قطعة من الخشب في مؤخرة الميت فترحم الناس على والده.....

  2. علي باسنو

    يمعودين هي خربانة خربانة يلحك عليها عبعوب لو يجي ابو عبعوب ميجمل بغداد ولا يعيد رونقها لأن الوعي الاجتماعي والثقافي تردى إلى الحضيض، والعراقيون الآن وكل الشعوب المتخلفة في زمن التفكك والتشرذم والتكتلات وصنع المجد الشخصي بالمال وحده، هنا في كربلاء ( المدين

  3. وحشي

    اعزائي المشاهدين هاليوم راح اذبها على معاني الكلمات كلمة عبعوب متكونة من مقطين الاول عب يعب عبا اي وضع التمن والثريدخبطا في الجيب وياها طبعا الدنانير والفلسان كما في المثل العراقي القديم شنو راح اتحطني جوه عبك اما المقطع الثاني فهي عوب يعوب عيبا اي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram