اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ناس وعدالة > قلوب لا تعرف الرحمة!!

قلوب لا تعرف الرحمة!!

نشر في: 16 مارس, 2014: 09:01 م

بغداد / المدى محمد طفل صغير .. أتى من الغيب ورحل إلى الغيب .. وبين قدومهِ ورحيلهِ مسافة كأنها الحلم مشحونة بالآلام .. مسكونة بالهموم والمخاوف . كان محمد يعيش مع امه وأبيه واخته الصغيرة في بيت فقير مثلهُ مثل مئات الأطفال الذين يتمزقون في قبضة الفقر و

بغداد / المدى

محمد طفل صغير .. أتى من الغيب ورحل إلى الغيب .. وبين قدومهِ ورحيلهِ مسافة كأنها الحلم مشحونة بالآلام .. مسكونة بالهموم والمخاوف . كان محمد يعيش مع امه وأبيه واخته الصغيرة في بيت فقير مثلهُ مثل مئات الأطفال الذين يتمزقون في قبضة الفقر والحرمان.. لكنهُ كان سعيداً يخرج كل صباح مع أصدقائهِ.. يلعبون تحت الشمس في الحقول والبساتين.. يتسلقون أشجار السدر لقطف ثمار (النبق).. ويتصايحون ويتشاجرون لاقتسام قطعة من الحلقوم فاز بها احدهم مقابل مساعدة احد العمال في حمل صناديق الفواكه الى احدى السيارات . ذات يوم شوهد محمد يجلس تحت شجرة السدر وحيداً حزيناً يبكي أباه الذي اعتقلتهُ قوة من الشرطة لتنفيذ امر قبض صادر بحقهِ لارتكابهِ جريمة إرهابية . امر الاعتقال زرع أزهار اليتم المبكر في عيون محمد واختهُ كي تمر السنوات وكلاهما يعاني مرارة افتقاد الأب الذي غابَ وتوارى وراء القضبان. بينما تكافح أمهما وتصارع الحياة لتوفير لقمة العيش واحتياجات البيت. وتمر السنوات .. حتى جاء يوم الإفراج .. خرج أبوهما هاشم من السجن الى بيت امهِ التي نصحتهُ بعدم العودة الى زوجتهِ بعد طول غياب فربما دقَ قلبها لرجل غيرهُ أعطتهُ جسدها بعد طول فراق وبعد وحرمان . 
زرعت الأم الشك في عقل ابنها فطلق زوجتهِ التي تفانت في تربية طفليها والإنفاق عليهما .. وبدلاً من الاحتفال بعودتهِ اليهم .. أقام حفل طلاق حضرتهُ امهُ وأخوتهِ الذين قرروا اخذ الطفلين عنوة من حضن أمهما ليعيشا في بيت الجدة الغاشمة ! 
هناك عاشا الصغيران مسلسل التعذيب الدامي , فالأب ترك قلبهُ خلف الأسوار ومارس عمليات النهب والسلب والجدة امرأة شرسة الطباع .. حرصت منذُ الليلة الأولى في بث الخوف والرعب في قلب الحفيدين . 
كان محمد يختلس بعض الوقت كي يذهب لرؤية امهُ يشكو إليها ما تفعلهُ بهما الجدة وكيف انهُ لا يستطيع النوم ليلاً وتداهمهُ الأحلام والروى المخيفة خوفاً من ان يأتي ( ضبع الجبل ) ويلتهمهُ هو واختهُ الصغيرة ! . ذات ليلة كانت الأمطار تتساقط بغزارة والرياح تعسف في الخارج بشدة .. اقتربت منهما الجدة .. لتحكي لهما قصة سمعتها عندما كانت طفلة في مثل عمرهما .. في كهف كبير ومخيف كان يعيش الضبع لا احد يدري من اين أتى ولا احد رآه وهو يصطاد فريستهُ .. ولكن الجميع يقولون انهُ يعيش في جبال حمرين وقد شاهدوا بقايا ضحاياه وآثار جرائمهِ الكثيرة في الطريق ما بين ابو صيدا والجبل .. قيل انهُ لا يموت .. وقيل انهُ لا يتأثر بالرصاص , وانهُ اتى الى الجبل لينتقم من أهل القرية بعد ان غضب عليهم الله عز وجل!.. وتمضي الايام والضبع يزداد قوة وسيطرة وتزداد ضحاياه .. ويصبح والي القرية وامير الجبل .. كانت امرأة فقيرة تعيش في القرية .. وكان لها طفل صغير في العاشرة من عمرهِ .. تركهُ لها زوجها الذي مات غرقاً في نهر ديالى .. مرض الطفل وطافت بهِ الام على أضرحة الأولياء وباعت كل شيء تملكهُ لعلاجهِ ولكن دون جدوى .. واخيراً قال لها احد مشايخ ان الدواء الوحيد في كهف الجبل! . ذهبت المرأة الى الجبل لملاقاة الضبع.. لم يصدق عندما رآها .. من الذي يتجرأ وينتهك دارهُ.. وتسيل الدماء وينتصر الضبع بعد ان افترس المرأة وارتوى من دماءها . 
كل ليلة تردد الجدة هذهِ الاقصوصة على اسماع الطفلين .. فبدأ يشعر محمد ان الضبع يرمز لأبيهِ وانهُ سيكون احد ضحاياه .. فقد كان يعاملهُ بقسوة شديدة.. لم يضمهُ الى صدرهُ مرة واحدة, ولم يطبع قبلة على خدهِ , يضربهُ ليل نهار.. يطفئ السجائر في جسدهِ النحيل.. ينهرهُ ويصرخ في وجههِ على مرأى ومسمع من جدتهِ التي حرمتهُ من كل شئ حتى وجبات الطعام التي يجب ان يتناولها كبقية الأطفال ..
عاش محمد مأساة دامية في بيت جدتهِ ومثلهُ عاشت أختهُ زهرة.. وعندما فقدَ كلاهما القدرة على احتمال الضرب والتعذيب والإهانات قرر الطفلان الذهاب الى أمهما ليعيشا معها بعد طول عذاب ومعاناة . يوم الحادث طلب َ محمد من أبيهِ ان يأخذهُ مع أختهِ الى بيت امهِ , لكنهُ رفض وعندما بكي الطفلان وطلبا الرحيل .. جن جنون هاشم .. فدخل المطبخ واحضر اناء بهِ ماء يغلي كان على النار وسكبهُ على الطفل المسكين وسط صراخ وعويل اخته التي تملكها الرعب فهربت تحتمي باغطية الفراش البالية.. ولكن الجدة جذبتها من شعرها ليضربها الاب ويكيل لها اللكمات والركلات المتلاحقة . لم يكتف الاب بحرق ابنهُ الطفل البالغ من العمر 11 سنة بل اخذ يضربهُ بسلك كهربائي.. بينما أحضرت الجدة عصا غليظة وانهالت بها ضرباً على جسد حفيدها حتى لفظ أنفاسهِ الأخيرة . 
هب ملاك الموت وخطف روح محمد لتصعد الى بارئها وتبقى الجثة الهامدة ملقاة على الأرض والى جوارها ترقد زهرة فاقدة الوعي تعاني سكرات الخوف والموت . 
مات محمد مقتولاً .. قتلتهُ وحشية رجل لا ينتمي للبشر , وربما تموت زهرة ما لم تنقذها العناية الالهية .. لكن ما حدث بعد ذلك يفوق اي خيال مريض سوداوي . نطق الصمت وتكلم الليل باكياً يسرد التفاصيل اللحظات الأخيرة .. لحظات الفجيعة التي تحول البكاء الى بكاء عام.
بكاء الناس والاشياء والارض .. فمأساة الطفلين تعرينا وتفضحنا وتجعلنا وصمة عار في جبين الانسانية .. عار اكبر من تسترهُ الثياب ومناحة الكلمات والرثاء. جلست المرأة وابنها يشربان الشاي والسجائر ويفكران كيف يتخلصا من الجثة الهامدة.. قالت الام .. نرميها في النهر القريب.. وسوف يفسر الحادث على انهُ حادث غرق.. لكن ابنها ضحك ساخراً من سذاجتها.. فأثار التعذيب واضحة.. وسوف يكشف المستور.. اخيراً اهتدى عقلهما الوحشي الى ما هو ابشع من التعذيب والقتل.. وضعت الجدة جثة حفيدها في بطانية وركب سيارة بيك اب وطلبت من سائقها توصيلها الى المقبرة.. نزلت الجدة حاملة جثة حفيدها والقت بها في حفرة في المقبرة .. لتوحي للجميع بانهُ خطف وعذب من قبل بعض الجماعات الارهابية في المنطقة.. لكن حارس المقبرة شاهدها وهي تلقي بالجثة في الحفرة .. ويقوم بإبلاغ الشرطة الوطنية القريبة من المقبرة.. فيتم إلقاء القبض على الاب وامه فتح دعوى قتل على الاب والام. في التحقيق الابتدائي يعترف الاب بفعلتهِ الشنيعة وبمشاركة امهُ.. فيتم توقيفهما على ذمة التحقيق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

القبض على عشرات المتسولين والمخالفين لشروط الإقامة في بغداد

لهذا السبب.. بايدن غاضب من صديقه اوباما 

في أي مركز سيلعب مبابي في ريال مدريد؟ أنشيلوتي يجيب

وزارة التربية: غداً إعلان نتائج السادس الإعدادي

التعليم تعلن فتح استمارة نقل الطلبة الوافدين

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

كانت ليلة من ليالي رمضان، تناول الزوج (س) فطوره على عجل وارتدى ملابسه وودّع زوجته، كان الأمر عادياً، لكن لسبب تجهّله، دمعت عينا الزوجة. ابتسم في وجهها وهَمَّ بالخروج الى عمله بمحطة الوقود الخاصة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram