لا أدري لماذا تبدو المفوضية العليا للانتخابات (عن وعي لا ألحق بها صفة المستقلة لأنني لم أكن في أي يوم مقتنعاً بانها مستقلة فعلاً. وأحد الأسباب ان تعيينات إدارتها تجري على وفق المحاصصة الطائفية والقومية والحزبية وليس على وفق معايير مهنية. وعدم اقتناعي هو اليوم أقوى مما كان عليه في السابق).. لماذا تبدو، بإدارتها الحالية، عصبية أكثر من الإدارات السابقة، وأكثر من اللزوم.
هذا الانطباع تشكّل لديّ من جملة مقابلات تلفزيونية وتصريحات ومؤتمرات صحفية لمسؤولي هذه المفوضية تابعتها وظهر لي فيها هؤلاء المسؤولون في حال "نرفزة" من ملاحظات أو اسئلة تُطرح عليهم أو نقد يوجه اليهم.
بالنسبة لي، تعني هذه "النرفزة" تعبيراً عن "شيء غلط" في عمل المفوضية بإدارتها الحالية، وعن شعور بالحرج من جانب المسؤولين حيال ما يُوجه اليهم من ملاحظات وانتقادات.
مفوضية الانتخابات هي أهم هيئة "مستقلة" في البلاد. حاضر البلاد ومستقبلها مرهون كلياً تقريباً بالطريقة التي تؤدي فيها هذه المفوضية عملها.. باستقلالية أم بلا استقلالية.. بمهنية أم بعدم مهنية.. بنزاهة أم بغير نزاهة.
هيئة بهذه الاهمية والمواصفات وفي ظرف صعب ومعقد وحساس الى أبعد الحدود كالظرف العراقي الراهن، لابدّ أن تدرك إدارتها أنها بإزاء مهمة صعبة ومعقدة وحساسة هي الاخرى، وان عليها أن تتحلّى بمنتهى التحمّل والجلد لتؤدي مهمتها بأقل قدر من الاخطاء، فخطأ مفوضية الانتخابات هو خطيئة في الواقع لأنه يطال قرار واختيار ملايين من الناس وليس أفراداً محدودي العدد.
يحق للمرشحين إلى الانتخابات ولجمهور الناخبين عامة أن يكونوا قلقين وشكاكين حيال عمل المفوضية، فنحن في بلاد يمشي الكثير من الأشياء فيها عكس المطلوب، وليس من المنطقي تصور المفوضية كما لو انها واحة غنّاء وسط صحراء قاحلة أو مملكة ملائكة بين ممالك للشياطين. كل مؤسسات الدولة تعاني من علل وأمراض خطيرة، ومفوضية الانتخابات في العراق هي واحدة من مؤسسات الدولة العراقية وليست الدولة السويسرية أو السويدية، وفيها مثل هذه العلل والأمراض أو بعضها.
للمرشحين إلى الانتخابات البرلمانية الوشيكة، ومعهم الناخبون، الحق كله في أن يتثبتوا ويتيقنوا من ان اجراءات المساءلة والعدالة تجري على نحو عادل ومنصف، والا يُستثمر هذا الملف في بازار المناكفات والمشاحنات والتسقيطات السياسية الذي ينشط عادة عشية كل انتخابات. وللمرشحين والناخبين الحق كله أيضاً في التثبت والتيقن من ان إجراءات النزاهة تجري على نحو نزيه وشفاف، والا يُستغل هذا الملف في البازار الآنف الذكر نفسه. وكذا الحال بالنسبة للاجراءات المتعلقة بقواعد وإجراءات الحملة الانتخابية. لقد حدث هذا في السابق، ويبدو انه يحدث الآن، عشية انتخابات نيسان، على نحو أكبر.
"نرفزة" مسؤولي المفوضية علامة على ضعف وليس قوة في موقفهم. وهذا الضعف ليس علامة على استقلالية المفوضية المفتقدة في نظري وكثيرين غيري.
لماذا المفوضية "منرفزة" جداً؟
[post-views]
نشر في: 16 مارس, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 4
ابو اثير
أستاذنا الفاضل,,, هناك تخوف من سير عمل مفوضية ألأنتخابات وأنا كمواطن من ملايين المواطنين لدي شكوك أتجاه القرارات ألأ خيرة في بعض المرشحين للأنتخابات المقبلة.. فقد ألتجأت المفوضية بأوامر من السلطة العليا للحكومة بأبعاد المرشحين الذين لاغبار ولا شكوك أتجاه
ابو سجاد
هل لنا سلطة في عراق دولة الفافون مستقلة اكيد لاتوجد اي سلطة مستقلة المفوضية الغير مستقلة والمسيسة خاصتا من رئيس دولة الفافون كم من لقاء للمختار وهو يهاجم السياسيين من المرشحين واخرها رئيس البرلمان لماذ لاتجتثه هذه المفوضية الغير مفوضة وهذه من الاسباب الرئ
احمد باجلان
استاذي الفاضل ان حالة المفوضية ليست محاصصة وانما تحيز بامتياز الى جانب حزب السلطة واحدث دليل على ذلك مسلسل الطرد والابعاد التي طالت الموظفين غير الموالين وقد توجت بطرد احد عشر مديرا عاما دفعة واحدة ومن بينهم كوادر مهنية شاركوا في عشرات الدورات وورش العمل
الوطني العراقي
ان من الامور القليلة جدا المفرحة في العراق هو وجود بعض المفكرين التنويريين من امثال الاستاذ عدنان حسين والاستاذ غالب الشابندر وغيرهم ممن ينتقدون الخطا اينما وجدولا يخافون في الله خوفة لائم هؤلاء القلة من الشجعان هم الذين يحتاجهم العراق بشدة ولكن كيف لسلطة