يخيّرونك إذن بين مسؤول يتوهمون انه سيحافظ على وحدة البلاد واستقرارها، وبين الفوضى التي يعتقدون انها ستجتاح البلاد لو ان الناس صوتت لغير المالكي، هذه ليست نكتة ولكنها جزء من المحفوظات التي يرددها كل يوم عدد من السياسيين، ففي تصريح مثير للشفقة تخبرنا النائبة عالية نصيف بأن "بقاء المالكي لولاية ثالثة ورابعة امر مفيد للعراق والعراقيين" لماذا ايتها النائبة "الهمامة"؟ لانه تعلم شؤون الحكم، وهو افضل من رئيس وزراء جديد لم يجلس على الكرسي لمدة ثماني سنوات، حسب قولها، ولم تنس السيد النائبة أن تذكرنا بـ"أننا محتاجون لمسؤولين مارسوا السلطة وعرفوا دهاليزها وأسرارها"، وتبدي نصيف استغرابها وعجبها من الذين لا يريدون استمرار نوري المالكي في موقعه: "من سيحافظ على الإنجازات التي تحققت ما لم يوجد هناك مسؤول يملك كل أسرار اللعبة".
سأقول للسيدة عالية نصيف أنت صادقة، ولكن من يقنع المواطن الذي حاصرته المفخخات وكواتم الصوت وغياب الخدمات والعدالة الاجتماعية والقانون خلال السنوات الماضية بأن المالكي حقق إنجازا وراء إنجاز؟، من يقنع أهالي مدينة الصدر والكاظمية والفلوجة وبابل وميسان والاعظمية والتاجي والموصل وديالى، بأنكم لا تخدعونهم ولا تبنون لهم قصورا في الرمال، ولا تجعلون الخطأ صحيحا، والحق جريمة، من سيقنع أما فقدت ابنها وزوجة ترملت في عز شبابها من أن ساستها لا يتعاونون مع الإثم ولا يتحالفون ضد الصدق، من سيقول للعراقيين جميعاً أن ضمائر مسؤوليه وساسته لم تنم وتشبع نوما منذ عشر سنوات.
للاسف بهذه "الخردوات" السياسية تريد "كوندوليزا نصيف" أن تقنع البسطاء أن امنهم ومستقبلهم مرهون ببطاقة انتخاب يقولون فيها نعم للمالكي وائتلاف دولة القانون، وتنسى مستشارة الامن القومي العراقي ان الديمقراطية تعني تبادل سلمي للسلطة، وانه لا يمكن لشخص يحكم بسلطات مطلقة أن ينجو من الفساد الذي تولده هذه السلطة المطلقة نفسها؟
في ظل هكذا مقربين وساسة تصبح السياسة في العراق كأنها أوراق متناثرة من كتاب "الامير" لميكافيللي كل واحد يريد ان يصبح جزءا من نظام تسلطي، نظام لا مكان للبسطاء فيه، إلا بالشعارات والخطب وراء الميكرفونات ، فلا واجبات ولا مسؤوليات تجاه هذا الشعب، بل "منّة" اذا تنازل المسؤول وتمشى وسط حماياته في احد الشوارع، ومنّة اذا تواضع وتحدث مع الناس عبر سياج من الحمايات المدججين بالسلاح، ومنّة اذا تكرم وحضر اجتماع للبرلمان ليناقش قانونا يهم الملايين، ومنّة اذا وافق ان يصافح المختلفين معه في الرأي.
وانا استمع لحديث عالية نصيف تمنيت عليها لو أنها بادرت وأصدرت لنا كتيبا صغيرا تكتب على غلافه: " دليل الحكم الرشيد للعراقيين " ، واتمنى أن يحتوي الكتيب على وصايا تؤكد لنا أن لا شيء تغير، فما زال المسؤول يحيط نفسه بسور عال من التابعين والموالين مهمتهم ان يدافعوا عن اي شيء يقوله ، وحتما لن تنسى السيدة النائبة أن تعلمنا أن اول أصول الحكم الديمقراطي كما تفهمها هو تضخم الاحتياج إلى " زعيم اوحد " من دون سياسة، حيث يصبح الشعب هو الهدف، وترويض الشعب وتخويفه بديلا عن تحقيق الأمن والاستقرار والرفاهية الاجتماعية وسيظل أصحاب كتب " الحكم الرشيد " للمبتدئين أسرى لإرادة سياسية لا تريد ان تدرك أن تغيرا حصل في العراق ولهذا نراهم يسعون إلى بناء دكتاتورية جديدة.. هدفها بناء دولة الجماعة الواحدة التي يكون لها سلطة الأمر والنهي، والمنح والعطايا، سلطة تصر على إلقاء الفتات إلى الآخرين باعتبارها مكارم ومنح تذكرهم بمكارم "القائد الضرورة".
لقد بات واضحاً أن حلم العراقيين بالديمقراطية والممارسة السلمية لانتقال السلطة الذي بدأ عام 2003 قد أجهض وإلى غير رجعة، والسبب قوى سياسية ضحكت ومازالت تضحك على الناس بشعارات مضللة، كان العراقيون يأملون من هذه القوى أن تنهض بحياتهم، وتشرّع قوانين تمنع سرقة المال العام، تمنع تحويل مؤسسات الدولة إلى إقطاعيات خاصة، والأهم قوانين تحترم عقول وإرادة العراقيين.
هل تغير شيء؟
الصورة بعد عشر سنوات تقول إن لدينا رئيس مجلس وزراء لا يريد أن يغادر زمن "معارك المصير" ولدينا حاشية لاتزال تمارس وظيفة أحباب القائد.
المستشارة "كوندوليزا" نصيف
[post-views]
نشر في: 16 مارس, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 6
ياسين عبد الحافظ
لا اؤيد هذا التشاؤم الحاد, لقد جاءت الديمقراطية مع الاميركان وللحقيقة لم نكن نتصورها حتى فى الخيال(شعب الداخل),واود القول ان العافية درجات,مثلا وصل (السرة)للمتقاعدين ايام بريمر حين تم اطلاق اول دفعة لهم(20)$ ,من راس الجسر الشهداء الى الشورجة بشارع الرشيد
ابو اثير
سيدي الكريم.. شخصية كشخصية عالية نصيف دخلت البرلمان على أكتاف علاوي ثم أرتحلت الى العراقية البيضاء مع بعض الشلة الذين قفزوا من العراقية في وقتها ثم أنتقلت الى تجمع يطلق عليه تجمع قبل الدخول الى كتلة القانون لغرض أعدادهم وتهيأتهم وتنقيتهم قبل أن يكونوا من
Ali Alsaffar
ان القول والفكرة والنقاء والموضوعية لغرض رسم صورة الأحداث الناجمة عن قرار اصحاب القرار , وربطها بالنموذج الانساني النبيل ( علي سيف الحق وناصر المظلومين ) ؛ انما هو صوت آت من عمق السواد الاعظم لشعب العراق الذي انتم لم ولن وجزما لا ولا تمثلوه لانكم مثلتم ج
حنا السكران
يبدو ان الكويتيين لم يعيروا اهتماما لتصريحاتها الجوفاء حول ميناء مبارك وضياع الحق العراقي بخور عبد الله ليصمتوها بحفنة من الدولارات فوجدت من يفتح فاهها بحفنة دولارات لتطبل وتزمر له عن جهل .. من العراقية الى البيضاء الى دولة القانون يا لرزانة وصمود المبدأ!
المدقق
من حق كل انسان ان يبدي رأيه ويكون هذا الرأي محترم من قبل الجميع بغض النظر عن خطئه او صوابه لذا فان النائبة قد عبرت عن رأيها ولم تفرضه على الناس وتجبرهم ان يأخذوا به .. اذا لماذا هذا التحامل كله على رأي يقال ؟؟ ولماذا كل هذا الاستهزاء ؟؟ فهل ان رأيك محترم
عبد الكريم مهدي
حسبي اللة ونعم الوكيل.من هي هذة المرأه ولماذا تركت قضية ميناء مبارك الكبير.اليست هي قضية مبدأ ام موديل فستان