عاد من العراق ، خائبا ، مدحورا..يكتم آهة ، وتفضحه دمعة، يؤشر بيديه كمن به لوثة ،، بيت العائلة الكبير بيع دون علمه . زور الصهر القسام الشرعي ، واستبعد اسمه وأضاف أسماء غريبة ، صغار العائلة كبروا وتنكروا إلا لمصالحهم ، لم يبق من الوالدة الراحلة غير طيفها الرحيم،…
قلت أهدهد محنته :: لا عليك . كلنا حشرنا بنفس المركب المعطوب . نحن الذين تعشينا بالآمال وافطرنا على الأماني ، وتأرجحنا على حبال الخيبات ، وبرعنا — عن خوف او تقية — في الكتابة عن اللاشيء إلى اللا أحد . وخبرنا الكتابة عما لا يضر ولا ينفع،
الكتابة من الأسفل للأسفل ، كيما نفلت من رقابة رقيب او وشاية واش .
اتدري ايها الصديق كم كلفنا تسكين المواجع . وتنويم اليقظة ولجم الانتباه ؟؟و….و…
كانت الكلفة باهظة ،، نصف اعمارنا الماتعات ، اما النصف الآخر فقد ضاع بين الامل والرجاء والتجوال بين محطات الانتظار ..
تقول : سأرفع دعوى لأسترد حقوقي !!!!
على من ترفع دعواك ؟ وضد من ؟ وأين ؟ وأمام أي قاض ؟؟ وما من شهود في الساحة غير شهود الزور ؟؟
احتج — إن شئت — ارفع عريضة تظلم وجاهر بالمظلمة،، لن يصغي اليك احد ،إبك ، انتحب . شق زيقك. ابتهل ، توسل . لا فائدة،، الكل مشغول عنك . بعد آن تقزمت كلمة الحق واسود وجهها من فرط ما استبيحت ،، وعلى ملأ،، وتداولها المرابون والسماسرة وتجار الحملة .
تقول مكلوما : لقد صغر الوطن ..وسهوت ان تسأل لماذا تصغر الأوطان ؟
— عندما يبدآ الذوات يتكابرون . يكابرون ، يتسلطون ، يتباهون ولا يستحون ، صار الوطن يصغر وهم يتضخمون . صغر حتى صار بحجم راحة الكف . مساحة لا تكفي إلا للاستجداء وطلب الرحمة.
تقول : لو كان الوطن جبة ، لخلعتها وارتحت ،، لو كان حقيبة لرميتها في أقرب مكب ، واسترحت ، لو كان سنا منخورة لقلعتها وما ندمت .. لو .،….
إن كان عزاؤنا إننا لم نختر اوطاننا .. اوطاننا هي التي اختارتنا : ميلادا وتسمية ، وهي التي وشمت جباهنا وعيوننا وهوياتنا باسمها وشميمها .. فلا عزاء لنا إننا اخترنا منافينا ، طائعين .. او مرغمين .
ما المنفى ايها الصديق غير ان نكون ، ( نحن ) بذات الوعي الحاد المقدس .داخل رقعة الوطن وخارجه .. .إخلع جبة وطن أنكرك وتنكر لك .. إخلعها . أتحداك ان تقدر ،، وأتبرأ من صداقتك إن كنت تستطيع .
الوطن ليس حقيبة!
[post-views]
نشر في: 19 مارس, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
عراقي حقيقي
اثنتا عشر عاما من زهرة شبابي قضيتها في خدمة الوطن من حرب ايران الى الكويت تكليفا لا تطوعا وخرجت مكسورا لا املك شبرا من الارض التي دافعت عنها لاعيش ثلاثة عشر عاما اخرى حصارا الوك الخبز صخرا كما تقول الاغنية, رفيقي الذي حسم امره وهرب من الجيش باتجاه ايران ع