المنجز الوحيد المؤثر للحاج ابي اسراء، والذي سيحرص حسن السنيد على تسجيله في "مذكرات شاعر مارس السياسة"، هو فاعلية توظيف المال والجيش والشرطة والقضاء، وكل شيء آخر كالفساد والرشوة، والانتماء البعثي السابق، ومستشاري صدام السابقين، وأنهار الدم، والاخفاق التنموي.. واستغلال ذلك في تمزيق خصومه وتشتيت احزابهم وتفتيت كتلهم النيابية، وطردهم من مناصبهم شر طردة، وتحويل السياسي بين ليلة وضحاها، من محظوظ في منصب كبير، الى شريد محكوم خمسة مرات بالاعدام.
لقد اجاد الرجل لعب هذا الدور، وأصبحت لديه خبرات لا يمتلكها غير فريقه، اذ انه نسي الدولة بما فيها وتفرغ مع اعوانه وشمروا عن سواعدهم في اطار تفكيك القوى السياسية المنافسة.
لكن المفارقة الكبيرة ان هذه الموهبة النادرة والتي تطورت بفضل اموال الشعب وجيشه، وبسبب فوضى بلادنا وضعف مؤسساتها الرئيسية، صارت موهبة مبددة وضاعت جدواها، فقد استخدمها الحاج مع القوى المنخرطة في العملية السياسية، والمتمسكة بالحياة البرلمانية والدستورية، لكنه فشل في استخدامها مع القوى المسلحة، التي تفتك بنا منذ ١١ عاماً.
المالكي اجاد في تمزيق الداخل، لكنه وقف عاجزا امام الخارج "الداعشي"، واستطاع تدويخنا جميعاً، لكنه ظل "دائخاً" بالمحاور التي تسدد ضربات دموية وتنهش لحمنا، وتتمكن من التنقل برشاقة هي وأكوام الديناميت، التي وصلت الثلاثاء عند باب ابي الفضل العباس!
وكمثال على "التدويخ" المقصود، فإن المالكي يشغل مرشحاً مفوهاً مثل مثال الالوسي، وعلى مدى اسبوعين، بمنعه من الترشح، ثم يعود ويتساهل فيسمح له بالترشح، لكنه في الاثناء، يترك كل المرشحين حيارى فيمن سيكون الشخص التالي الذي تطاله عقوبة الحظر والمنع، التي لا يشك احد بأن خيوط لعبتها بيد فريق الحاج. وهو نفس الفريق الذي لم يتوان عن ارسال ملفات القاضي رحيم العكيلي الى محكمة الجنايات المركزية، التي يفترض بها ان تحاكم الزرقاوي ورفاقه، لكنها صارت تحاكم القاضي رحيم، الذي كان شجاعاً نيابة عنا جميعاً، وتحدث بتفاصيل كتمها الاخرون، وحاشه من الضيم والحيف، امور كثيرة، بينما كان بإمكانه ان يكذب على نفسه وعلينا، ويقف مصفقاً للقيادة "الرشيدة" طلباً للدعة والسلامة.
الا ان المالكي لم يمنح نفسه اي جهد ووقت للتعامل بهذه "المهارة" والحزم، مع داعش وأخواتها، ولم يتفرغ لتفكيكهم وإضعافهم، ولم يحاول شراء بعضهم بالمال، او توريطه بفساد، او تفتيت مجاميعهم، والتجسس عليهم لتخفيف جرائمهم على الاقل.
بل يمكن ان نذهب اكثر من ذلك، لنقول ان المالكي الذي تفنن في تفتيت خصومه، تفنن كذلك في تقديم الهدايا للتيارات العنفية. فهو على سبيل المثال، قام بإظهار ساسة الانبار ونينوى بمظهر الضعيف العاجز غير المؤثر، وشجع جمهورهم على الكفر بالعملية السياسية، وكان الرابح في هذا الاطار هو داعش وأخواتها، الذين يقولون للسنة، ان النظام السياسي امر باطل ولابد من اسقاطه بحمل السلاح وشحذ الرماح واستلال السيوف.
وهو بتفننه في الاستهزاء بخصومه، كان يفسد كل المقترحات المتوازنة التي يقترحها الحكيم والصدر والاطراف المتعقلة الاخرى، وحين تنسد الطرق المتعقلة، تنفتح ابواب جهنم، وتزدهر التنظيمات المسلحة، وتتشجع "السعودية وقطر" على التحشيد بما لا يروق المالكي، او بما يروقه ربما!
ماذا نفعل للموهبة العظيمة المبددة، التي ضيعها المالكي وصحبه اجمعين، على تفتيت الخصوم الشرعيين، ولم يستخدمها لمحاولة اضعاف الدواعش؟ وماذا نفعل نحن المغلوبين على امرنا، بينما الفشل الحكومي يخفق ويخفق، ويقدم الهدية الثمينة تلو الاخرى، لجماعات الموت والارهاب؟ وهل هناك ارهاب اكثر وأبلغ، من وجود حاكم يضع "مواهبه" في غير محلها، او يستفيد من مواهبه بطريقة مضادة، مثل تنين ينفث النار على جسده، لا جسد عدوه؟
موهبة الحاج المبددة
[post-views]
نشر في: 19 مارس, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 4
فاروق ابراهيم
اعتقد سيد سرمد انك لم تطلع على معلومه تم تاكيدها من عدة مصادر موثوقه هي ان داعش اسست في طهران وتدار منها وهي ظهير اساسي لبشار الاسد وعليه فأن صراع المالكي معها هو صراع مسرحي يهدف بالاساس تحسين سمعة المالكي الدوليه بشكل خاص والتي فعلا لاقت بعض النجاح في ال
ابو سجاد
عليك يااستاذ سرمد ان توجه هذا الخطاب الى القادة من معارضي المختار اذا كان حقا هناك معارضة العجيب ان الكل مكتفي بانتقاد المختار ورهطه من خلال مقالة او لقاء تلفزيوني خجول ولااحد يستطيع النزول الى الميدان كما فعلت قياداة مصر الحزبية والاعلامية والازهرية ومن
فاضل
لن امل من قراءة نقدك وتعريتك للدكتاتور الصغير نوري المالكي، افكر دائما ان المالكي اشبه ببضاعة صينية رديئة الصنع سرعان ما يصيبها العطب ويحل بها الخراب.
ابو سهيل
استاذي الكريم اتي اكتشفت افظل وظيقه للحاج ابو اسرا§ ممكن ان يمارس موهبته فيها ومنها يجني اموال كبيره وهي مقدم برنامج دعايه في التلفزيون فهو قادر ان يقدم اليوم بظاعه بافظل صوره وبكره يقدمها نفسها باسوا§ صوره