اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > المدينة في العراق وقوانين البناء

المدينة في العراق وقوانين البناء

نشر في: 21 مارس, 2014: 09:01 م

يحاول المجتمع عموما ً أن يضع عددا ً من القوانين والضوابط لكل فعالية ينجزها ويعتمدها في حياته اليومية، ففعالية التعليم مثلا ً لها قوانينها وضوابطها، وكذلك فعالية التجارة والصناعة والنقل وما إلى ذلك. وفعاليتا التخطيط الحضري للمدينة وبناء وحدات هذه المد

يحاول المجتمع عموما ً أن يضع عددا ً من القوانين والضوابط لكل فعالية ينجزها ويعتمدها في حياته اليومية، ففعالية التعليم مثلا ً لها قوانينها وضوابطها، وكذلك فعالية التجارة والصناعة والنقل وما إلى ذلك. وفعاليتا التخطيط الحضري للمدينة وبناء وحدات هذه المدينة لهما قوانينهما وضوابطهما الخاصة أيضا ً.

ويعرف مجلس التقنين الدولي ICC ( International Code Council ) في كتابه – قوانين البناء الدولية 2006 –الذي يدخل ضمن عائلة موسوعة القوانين الدولية، قانون البناء من خلال الهدف أو الغرض Intent الموضوع من أجله بأنه القانون الذي يشخص الحد الأدنى من المتطلبات لتأمين وحماية السلامة العامة Public Health ، الأمان Safety ، والراحة العامة General Welfareمن خلال متانة المبنىStructural Strength ، وسائل التسهيلات الخارجية Egress Facilities ، الثباتStability ، الصرف الصحيSanitation ، الإنارة والتهوية الكافيتين، حفظ الطاقة، وحماية الأرواح والممتلكات من الحريق والمخاطر الأخرى التي تهدد البيئة المبنية، إضافة إلى دعم السلامة من هذه المخاطر.
وعادة ما يقاس رقي المجتمع وتطوره ومستوى ثقافته بمدى التزامه بهذه القوانين وتطبيقها وعدم الالتفاف عليها أو إهمالها، وتفعيلها في كل الحالات على كل أفراد ومؤسسات المجتمع بعدالة ومن دون تبعيض أو تفضيل. كما يقاس تحضر المجتمع ومستوى فهمه وإدراكه بمدى اتّباعه الطوعي لهذه القوانين واحترامه لها قبل خوفه من العقوبة المترتبة على إهمالها أو مخالفتها. ومع كل هذا وذاك فإن القوانين لا تخلو عموما ً من نسبة من المرونة Tolerance يمنحها القانون نفسه.
ولا حاجة بنا هنا لذكر مدى احترام والتزام كل المجتمع والمؤسسات في العراق لقوانين البناء هذه وفداحة الوضع المزري في الالتفاف عليها والاستخفاف بها.
وقانون البناء Building Code كما هو الحال مع القوانين الأخرى يتضمن بشكل رئيسي أربعة أصناف من القوانين. يشمل الأول القوانين اللازمة Obligatory Codes التي لابد من تطبيقها، كضرورة البناء طبق المخطط العام للمدينة City Master Plan بعد المصادقة عليه وبعد تفعيله، والتوزيع المفترض للوظائف Zoning ، ووجوب البناء ضمن حدود قطعة الأرض الممتلكة وعدم تجاوزها، ووجوب الارتداد عن الشوارع، والالتزام بالنسبة المئوية للمساحة المبنية.
ويشمل الثاني الأمور والحدود التي يجب التوقف عندها وعدم تجاوزها ،أي غير المسموح بها Un-allowed Applications ، كعدم السماح بتغيير استعمالات الأرض Land Use المصادق عليها ضمن مخطط المدينة، وكعدم تجاوز عدد الطوابق المسموح بها ضمن حدود قطاع مديني معين، وعدم فتح نوافذ على الدور المجاورة، وعدم استغلال الفضاءات العامة للمصلحة الخاصة، وعدم استخدام المواد والإنهاءات التي تشكل خطورة على المارة بقرب المبنى.
أما الصنف الثالث فيشمل الضوابط التي ينصح بها قانون البناء دون الإلزام Recommend Codes ، كترجيح ارتداد المباني عن الحدائق العامة دون الإلزام به، وكترجيح العزل الصوتي Sound Proofing ، وترجيح استخدام الطرز المعمارية القريبة من الطابع العام وكذلك المواد الإنشائية المحلية.
ويشمل الصنف الرابع الضوابط المتعلقة Related Rules أي تلك التي يتم البت بها طبقا ً لحالات معينة وظروف محددة فتصبح ضوابط متعلقة بذلك المكان دون غيره، كالبت في احتساب البيئة المعمارية لمحلة ما كجزء من تأريخ المدينة يجب الحفاظ عليه ،كمثل قرار الحفاظ على البيئة المعمارية لمنطقة Vallingby في ستوكهولم، أو في وضع المبنى ضمن قائمة الموروث الحضاري كما حدث مع مبنى Sydney Opera House في أستراليا. ويشمل الأخير الضوابط التي توضع بشكل مؤقت – افتراضا ً- في الحالات الطارئة لتجاوزها ثم العودة إلى الوضع الطبيعي، وتجتاح العراق الآن موجة عارمة من هذه الضوابط الخارجة على مفاهيم قوانين البناء السائدة في العالم والمفترض ان تزول بزوال مسبباتها، غير أن الكثير منها تحول ويتحول إلى قوانين وضوابط يتم العمل طبقها، كنقاط التفتيش المنتشرة في المدن، والعوارض التي تحولت إلى سمة من سمات شوارعنا، ومحددات السرعة التي بدأت تؤثر بشكل قاتل على حركة المرور، والخوف من العمليات الإرهابية الذي أضاف ثقلا ً إنشائيا ً غير منطقي على مجمل منشآتنا كان من نتائجه ضخامة الهياكل الإنشائية غير المنطقية واعتماد الهياكل الكونكريتية حتى في أصغر المنشآت مقياسا ً وسمك الجدران المفرط والتخلي عن المواد الإنشائية الخفيفة رغم جماليتها وعمليتها وانخفاض كلفتها ،كمادة الخشب التي تعتبر أفضل المواد الإنشائية بيئيا ً على الإطلاق وما إلى ذلك، وانعدام الناحية الأمنية الذي جعل عموم المباني تغلق على نفسها فأحالها إلى مايشبه الزنازين بجدرانها المصمتة ونوافذها المرتفعة المثقلة بمشبكات الحديد، إضافة إلى سوء المناخ المتسارع Climate Change الذي بدأ بفرض ضوابط خارجة عن طاقة المدن والمباني، فعلى سبيل المثال استحالت الفناءات الداخلية التي كانت حلولا ً مثلى لأجوائنا الحارة الجافة إلى أجزاء يصعب التعامل معها لتتم تغطيتها وتكييفها والذي وإن استطاع رفع المستوى الوظيفي لهذه الأجزاء إلا أنه قد حطم بنيتها التخطيطية والمعمارية التي أصبحت موضع إهمال عام من قبل الجميع بمن فيهم المعمار نفسه بعد أن كانت خصائص معمارية Architectural Characters يرتفع بها المبنى ومعماره وتحدد ملامح المبنى والمدينة والحضارة المنتجة لها. وهذا ما حدث ويحدث الآن في ضريح الإمام الحسين (ع) في كربلاء ومن ثم ضريح العباس (ع)، ومن المتوقع انتشار عدوى التسقيف هذه إلى بقية الأضرحة والمباني المشابهة.
وهنا لابد من الإشارة إلى انه من المفترض أن يكون الصنف الأول هو الأساس والشائع والجزء الأعظم من قوانين البناء، في حين يشكل الصنف الرابع جزءا ً استثنائيا ً مؤقتا ً لحالات معينة. غير أن الواقع في عملية البناء في العراق الآن يشير إلى العكس من ذلك تماما ً، فالقوانين الاستثنائية هي التي تهيمن على عملية البناء هذه ،مما يشير إلى واقع مغلوط يحتاج إلى معالجة جدية وجذرية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ليفربول يخسر وديا أمام بريستون

مجلس الخدمة ينشر توزيع حملة الشهادات والاوائل المعينين حديثا

البرلمان يشكل لجنة إثر التجاوزات على اقتصاد العراق وأراضيه

بايدن يرفض دعوات الانسحاب من الانتخابات الامريكية : انتظروني الأسبوع المقبل

وفاة محافظ نينوى الأسبق دريد كشمولة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram