TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عذرا.. انها أمي

عذرا.. انها أمي

نشر في: 21 مارس, 2014: 09:01 م

اعتذر فقد ابتعدت اليوم عن همومنا اليومية ..السياسية منها والاجتماعية لأتحدث معك عبر مساحتي  هذه ..لأقول لك انني افتقدك بحرقة ..وبأن رحيلك المباغت لم يكن رحيلا أبديا..كان رحلة لم ينقطع خلالها تواصلنا معا ..لقد رأيتك قرب سريري بعد إجرائي عملية جراحية ولمحتك تدارين دموع فرحك حين زارني الفرح ..سمعت صوتك يناديني حين تأخرت في زيارة قبرك ، وشعرت بلمستك الحانية حين احتجت إليك ..قفزت من نومي ذات مرة باحثة عنك وحين استغرب أولادي ذلك ..قلت لهم .."كانت معي ..ما زلت اشعر بدفء حضنها " ..
أمي ..تمر السنوات ومعها أعياد الأم فأغبط كل من لم تفارقه نعمتك ..كنت نعمتنا والجنة التي لم نشعر بروعتها الا حين ذقنا جحيم فراقك ...أتساءل أحيانا بمرارة ..كيف تسنى لك ان تدخلي الدنيا وتخرجي منها دون ان تفكري الا بنا ..أين كنت انت ؟..لم تبحثي عن نفسك يوما ولم نبحث عنك ..كنا نبحث عن ذواتنا فيك ونغرف من حنانك وطيبتك وعطائك دون ان نشعر انك بحاجة ايضا الى مقابل ..لم تطلبي منا يوما ذلك فهل كانت كلماتنا الحلوة او هدايانا هي المقابل ؟...كنت بحاجة الى اكثر من ذلك ..اذكر انك وقبل ان تغادريني بأسابيع ترددت كثيرا قبل ان تضعي رأسك بخجل على حجري كما كنت افعل دائما حين أزورك حتى بعد ان أصبحت أنا الأخرى أما ..كنت بحاجة الى حناننا ..الى إحساسنا بك ....لم تتقني فن البوح يوما فباحت به رغبتك الخجولة بالنوم في حجري ..يومها عبثت أصابعي في شعرك الباهت كما تعبث بشعر طفلتي الصغيرة فأحسست بتلذذك ووددت لو اغني لك تهويدة تمنحك غفوة هانئة كما كنت تفعلين معنا....
لماذا جعلت أولادك قبلتك وكنت تحومين حولنا كطير مذبوح ارهقه تعب السنين لتلبي رغباتنا ..لم تعتذري يوما او تتأخري عنا ..لماذا لم نتخيل يوما ان جسدك لم يعد قويا وان أعصابك لم تعد تصمد أمام أي طارئ ..اعتدنا ان نراك قوة ..عطاء دائم ووطن نلجأ اليه كلما شعرنا بقسوة الزمن ..
اذكر انك كنت تكذبين ايضا ..عندما كنت توزعين الطعام بيننا ولا يبقى لك الكثير منه فتقولين انك شبعت ، وعندما تشترين لنا الثياب ولا نرى لديك ثوبا جديدا فتقولين انك لا تحبين اقتناء ملابس كثيرة ..كنت ترغبين بكل ذلك ..الطعام اللذيذ والأثواب لكن رغبتك بها تتلاشى أمام اصغر رغبة لنا ..لماذا جعلت منا محورا تدور حوله حياتك فلم تحصلي يوما على حياتك ..لقد عشت حياتنا نحن ..حملت همومنا فكان كل من ينظر في وجهك يرانا فيه ..كنت تستمدين وجودك من وجودنا وسعادتك من ابتساماتنا ..اليوم ، اشعر وكأننا كنا نستمد وجودنا من وجودك وسعادتنا من ابتسامتك ..وحين رحلت عنا ..انفطر قلب وجودنا وحملت ابتساماتنا غمامة حزن ابدية ..
يعزيني اليوم والجميع يحتفل بعيد الأم انك لم تبارحي ذاكرتي ولا أحلامي ولا تفاصيل حياتي ..ما زلت معي فأنت وطني ولن أغادرك يوما فأمسي غريبة ..( من بعد عينج ييمة ) ..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. زياد

    بارك الله فيك

  2. الشمري فاروق

    ابنتي العزيزه شكرا لوفائك الرائع ولكاممتك الجميله شكرا لوفائك وهذا بعضالوفاء لتلك السيدة الجليله... لقد ابكيتيني رغم ال74 من سنين عمري بكيت كطفل يتذكر فراق امه هناك الكثير من المشتركات بين امهاتنا....الحب والحنان والتضحيه ونكران الذات فألف الف تحية

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram