TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > نصيحة داخل لحضيري

نصيحة داخل لحضيري

نشر في: 23 مارس, 2014: 09:01 م

بأغنية "ياحضيري بطل النوح شالت هدية" خاطب الراحل داخل حسن زميله وابن مدينته الشطرة في الناصرية المرحوم حضيري ابو عزيز مقدما له نصيحة بالابتعاد عن الأوهام، والإذعان للأمر الواقع، لان الشابة هدية غادرت الى مكان مجهول، وماعاد ينفع النوح والبكاء، المرحوم ابو كاظم ربما كان يدرك بان تقديم النصيحة على شكل حديث مباشرلاينفع ولا يحقق أية نتائج ايجابية، فلجأ الى الغناء، عسى ان يؤثر شجنه المعروف في قلب العاشق حضيري وينسى هدية ومصايبها ليتفرغ لجمهوره وفنه.
تجارب العشق الفاشل، وفشل زواج الشاب من حبيبته لأسباب تتعلق بعوامل طبقية ودينيةوعشائرية تعد مادة مألوفة ومتداولة في معظم اغاني الريف والمدينة، وربما لهذا السبب اختار الراحل سلمان المنكوب لقبه، ليعطي دليلا وشاهدا على تجربة شخصية لم يكتب لها النجاح، فاصبحت معاناته نكبة، وردت في اغنية له تصور حالته عندما يمربالمنازل ويراها خالية من الأحباب.
نواح حضيري ونكبة سلمان ، وتجارب اخرى ، وجدت في الاغاني خير وسيلة للتعبيرعن معاناة المنكوبين والخائبين ، وبكمان العازف فالح حسن ، أرخت الأغنية العراقية عشرات التجارب ، عدها الجيل الحالي ، توثيقا رومانسيا لحالات تبدو عادية ، لا تتطلب كل هذا الكم من حسرات وآهات الحزن وتريد لازمة" يابوية ياضيمي" بعد كل مقطع غنائي . وجهة نظر الجيل الجديد بالتقليل من اهمية ضيم اسلافهم، تنطلق من حقيقة ماشهده الحاضر من نكبات وازمات ، ليست لها علاقة بتجارب الحب والعشق ، وانما تتعلق بتدهور الاوضاع السياسية وبروز خلاف بين القوى المتصدرة للمشهد السياسي وصل الى صراع اتخذ طابع الملاحقة والتنكيل وسفك الدماء سبيلا للوصول الى السلطة ، فغطت محنة الوطن وشعبه ، على الاصوات الاخرى بدءا من نواح حضيري وآهات المنكوب وحتى جيل اغاني الفديو كليب .
في زمن بعيد ، وقبل الدخول في مواسم الاضطراب، كان العراقيون يقضون سهرة الخميس بمتابعة احد الافلام المصرية من خلال شاشة محطة تلفزيون بغداد بالاسود والابيض، والاستعداد للسهرة تسبقه تحضيرات تتولاها ربات البيوت بتوفير الكرزات وصحون حلاوة الطحين والتمر بالسمسم، ليتناولها افراد الاسرة اثناء مشاهدة فيلم من بطولة فاتن حمامة وماجدة يتصارع فيه الخصمان فريد شوقي ومحمود المليجي، وتبقى الانظار مشدودة، تترقب مخططات المليجي التآمرية ، لتفريق الحبيبين ، وقد تذرف الشابات الدموع ليعبرن عن تعاطفهن مع فاتن حمامة ، لوقوعها ضحية الطرف الشريرالمليجي، وكعادة الافلام المصرية القديمة يصور المشهد الاخير حفل زفاف الحبيبين ،وتظهر كلمة النهاية مكتوبة بخط الرقعة .
معظم العراقيين اليوم بامس الحاجة لمن يعيدهم الى ماضيهم البعيد الخالي من الاضطراب السياسي والأمني ، لاستذكار اسباب نواح حضيري ونكبة سلمان من اجل تحديد خياراتهم للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات المقبلة لصالح قائمة فريد شوقي او محمودالمليجي .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابو سجاد

    يااخ علاء من الصعب في وضعنا الحالي والمتازم ان يعيد العراقيين الى ماضيهم ومن اجل تحديد خياراتهم للادلاء باصواتهم في الانتخابات المقبلة ومن ابرزها انعدام الثقة بجميع من في الساحة حتى لوكان على مستوى نبي فيشكو في اخلاقه ونزاهته وامانته والمسالة الثانية والم

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram