تمنيت في هذا الصباح الذي انتهت فيه إجازتي لأعود فيه لكتابة عمودي ان أجد كاتبا يجيد الرثاء وهو حزين لأتوسل به ان يعلمني كيف أكتب مرثية لمقتول في بلد قتيل. لست حزينا على قتل الزميل المهذب ابن العزيزية جارة مدينتي الأم محمد بديوي، انما غارق بغضب أريد صبه على رأس القاتل ومن أرضعه أو علمه فن القتل. حزن وغضب تجاوزا القلب فامتدا الى أصابعي التي عجز عقلي عن السيطرة عليها ليوجهها كيف تكتب.
فكرت ان اكتب قصيدة وليس عمودا، لكني اعرف نفسي، لا أجيد الرثاء لا بل ولا استطيعه أيضا. فمثلما عجزت عن رثاء ولديّ ووالداي وأخي المندائي صالح مهدي حبيب يوم قتل غدرا، اجد نفسي في هذه اللحظة أكثر عجزا. من لحظة سماعي خبر الغدر بالشهيد وانا أكرر قول احد شعرائنا حينما احتار في رثاء الجواهري فلم يجد غير ان يقول له:
يبن الكوفة الحمراء بيش ابجيكحتى دموع ما ظلت يمولانا.
وانت يا محمد أيها المظلوم الملتحق بالمظلومين قتلا من الناس قبلك وبنجوم هوت غدرا وقتلت تحت السياط والرصاص، أقول لك عذرا فقد خانتني الكلمات كلها ولم اجد فيها كلمة واحدة تعبر عن حزن وطن فجعوه بقتلك مثلما خانتني يوم عزمت على رثاء ولدي علي فصمت مكمودا حتى اللحظة.
آه كم احتاجك الآن لتنهض لا لتبصق بوجه قاتلك، وحسب، بل ولتبصق بوجه الطائفيين الذين يتاجرون بدمك اليوم وكأنك اول عراقي قتل ظلما وغدرا وجبنا. أشهدك أيها الشجاع الشهيد بانني احتقر قاتلك بقدر احتقاري لذارفي الدمع عليك كذبا وزورا. وان كان الكبد يتقطع بمصابنا بك، لكن جرح قتلك فينا عمقه اكثر هؤلاء الطائفيون الذين تدربوا من زمن بعيد على معرفة فن البكاء على الهريسة وليس على الحسين الشهيد.
سلاما عليك أيها الشهيد وتعسا لليد التي تجرأت على قتلك، وقلوب شمتت بما حل بك، وأفواه استثمرت موتك بضاعة في أسواق الفتنة والعدوانية واللهاث المستميت من أجل كرسي السلطة.
حتى دموع ما ظلّت
[post-views]
نشر في: 23 مارس, 2014: 09:01 م