أيها المواطن لا تسلْ ماذا فعلت مجالس المحافظات؟ ولا تقل إن الكثير من أعضائها يعتقدون أنهم يديرون مزرعة أو شركة تهدف إلى الربح، فحولوا المشاريع والمقاولات إلى مقربين وأحباب وأصحاب. أيها المواطن لا تستغرب الصمت الحكومي في مواجهة تصرفات مجالس المحافظات فقد أصبح الصمت شعار المرحلة.
أيها المواطن كنت تحلم بالتغيير فوجدت أمامك مسؤولين يستقوون بقرارات مجلس قيادة الثورة سيئ الصيت، ولا يزال العديد منهم يستلهم مسيرة الخال المؤمن خير الله طلفاح، بل ويصر على إخراجه من القبر ليطارد الفرح في شوارع بغداد وميسان والبصرة.
مثل غيري، أتابع يوميا القرارات الكوميدية التي يتخذها عدد من مجالس المحافظات وكان آخرها القرار الثوري الذي اصدرته "الحاجة ام ياسر" الحاكم بأمر المسرح في البصرة، حيث قررت في نوبة دروشة وحفاظا على الفضيلة والاخلاق في بصرة السياب والبريكان ومحمود عبد الوهاب، منع إقامة الحفلات الغنائية والموسيقى على قاعة مسرح المحافظة.
قبل عام كتبت عن فنان البصرة الكبير "طالب غالي" الذي شاهدت الدموع تترقرق في عينيه حزنا وأسىً على مدينته التي غادرها الفرح، حيث كانت تغني للجمال، بعدما أصرّ بعض "الشلاتيغ" وأعوانهم على أن يلبسوها السواد حزنا، ويمنعوا صوت الفرح فيها، واليوم اكتب وأنا اسمع أن السيدة ام ياسر تعتبر الغناء من الكبائر، والسبب لأن الأغاني تبث الأمل والفرح في نفوس الناس، بينما تريد لهم أم ياسر السير في طريق الهداية، في الوقت الذي تحاول فيه اغنية "يالبصرة يام العود" ان تغويهم على السير الى طريق الرذيلة والتهلكة.
يبدو ان بعض محافظاتنا التي عانت من الظلم لعقود طويلة حين حرم أهلها من ابسط الخدمات وأذاقها أنواع الظلم، لا يريد لها البعض ممن تولوا أمورها أن تفتح صفحة جديدة في جدار المستقبل، وهم مصرون على أن تبقى مكبلة للماضي من خلال تصريحات وقرارات تسعى إلى تحويل مدن العراق إلى ولايات تعيش زمن العصور الوسطى، حيث يسطر لها الولاة الجدد تاريخا يرسمونه من خلال قرارات تعسفية تلاحق الناس في بيوتهم وأماكن عيشهم.
في زحمة اللهاث والصراع على المناصب لا مكان لمراجعة أخطاء الماضي ولا حتى النظر إلى عثرات الحاضر، نتلقى في المدى يوميا عشرات بل مئات التعليقات حول المقالات والتحقيقات التي تنشر ولم أجد في كل هذه التعليقات اسما لمسؤول أو سياسي يسأل ما الذي حصل؟ وماذا تريدون؟ نسمع فقط من على المنابر الفضائية الشتائم المبطنة والوعيد والتهديد والبكاء على القيم التي يريد العبث بها "ثلة" من المطربين.
وإذا كان البعض مصنفا أساسا في قائمة محترفي الدجل، فإن الأمر يدعو للرثاء حين تجرى هذه الخزعبلات على ألسنة موظفين حكوميين، اعتقدوا ان المنصب فرصة لإظهار ورعهم وتقواهم..
لا أعتقد أن متابعا للشأن العراقي يمكن أن يتطلع إلى ما يحدث في مدن العراق اليوم، دون أن يتأمل في الفارق، كانت بغداد والبصرة من مراكز العالم. يأتي إليهما الناس من أنحاء الأرض للعلم والثروة والعمل وليس لتعلم أصول الحملة الإيمانية، وأقامت هاتان الحاضرتان علاقات حضارية مع سائر دول العالم، وغصت بغداد ومعها البصرة بأهل العلم والفلسفة وكبار المؤرخين ومطربي الزمن الجميل بدءا من أم كلثوم وعبد الوهاب ومرورا بعبد الحليم حافظ ووديع الصافي وفريد الأطرش وفائزة احمد، كما فاضت بالشعراء والأدباء. وكان ذلك أيضا عصر محمد القبانجي وعفيفة إسكندر وسليمة مراد وناظم الغزالي وليس عصر شرطة الاخلاق التي تترك المزورين والمرتشين وتهاجم رافعي شعار الحريات.. كان عصر نزيهة الدليمي وصبيحة الشيخ داود وزينب وزكية خليفة، وليس عصر سوزان السعد وعالية نصيف وأم حاتم .
كيف لا نتذكر كل هذا، ونحن نقرأ ونسمع الخطب الرنانة التي تدعونا للعودة إلى طريق الصواب، سيقول البعض إن البلدان لا تعيش على الماضي، لكن ها هو الماضي هناك، يذكرنا بأننا كنا نعلم الناس كيف يفرحون، لكننا اليوم يتعلم منا العالم كيف تسرق الثروات وتفسد الاوطان.
فيا أهالي البصرة الأعزاء وانتم في انتظار الرخاء، عاما بعد اخر، والرخاء لا يأتي، والأزمات تشتد ولا تنفرج، لا تغضبوا، فالرهان اليوم على مدى قدرتكم على تنفيذ وصايا الحاجة ام ياسر .. والتخلص من تراث طالب غالي وطارق الشبلي وفؤاد سالم وحميد البصري وشوقية، الذي سيؤدي بكم الى النار حتما.
بصرة "الحاجة" أم ياسر
[post-views]
نشر في: 25 مارس, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ابو سعد
اذا انتشر الحراد في ارض حصاد تري مافعل الحصاد ?