بعض هذي السطور كتبتها قبل أسبوع وانا المح الصكار يقف شاحبا أمام إحدى لوحاته بمناسبة حفل التكريم الذي أقامه المعهد العربي بباريس للاحتفاء بصانع الجمال .
لم يدر بخلدي إنني سأكتب مرثية لزميل عزيز بعد أيام…
حين فكرت — بمعية الراحل سعود الناصري والزميلة ليلى البياتي— بإصدار صحيفة متميزة تكون علامة فارقة (كذا !!)، ونموذجا للإفلات من ربقة المقالات الممطوطة. صحيفة بحجم القلب ، الكلمة فيها تعادل جملة ، وللحرف فيها قدسية كلمة ، واخترنا لها من دون الأسماء المقترحة ( الأبيض ) حينها لم يحضر في الذهن اسم لتتويج صفحتها الأولى بـ ( لوكو متميز) غير ريشة الصكار.
اتصل به الراحل الناصري - هاتفيا - شارحا له هدف الصحيفة المقترحة، وانثنيت بسلام مقتضب وكلمات شكر فضفاضة … رده المقتضب أوحى لي بالاعتذار . بحت بشكوكي للراحل الناصري . ماذا لو اعتذر الصكار وتعلل بضيق الوقت وكثرة المشاغل؟
خابت ظنوني . حين فوجئنا بانثيالات الأبيض على أديم شاشة الكومبيوتر . كما سلاسل الماء على سطح مرآة . بعد يومين وبعض يوم، كانت المفاجأة التي لم تكن بالحسبان ،حين ابدى استجابة لتطريز الصحيفة بعمود يدبجه قلمه المترف وأنامله الرهيفة .
وجهه الشاحب اقلقني، وأعادني إلى يوم بعيد ، يوم ولج فيه الصكار بمعية صديق ، الى مكتبي للمحاماة، المطل على تمثال الرصافي في شارع الرشيد ، يسألني المشورة ! شاحبا كان ، مرتعش الصوت . هلعاً من إمكانية ملاحقته …
ملاحقة؟! وأنت لا تقوى على إيذاء فراشة؟
نعم .. وبسبب "اختراع" أبجدية متطورة، اختزل فيها الحروف وطوع بعضها لتوائم متطلبات العصر — أية رؤية بعيدة رآها الصكار والزمن بداية السبعينيات؟ والتفاصيل لا تسعها رحبة ضيقة .
مضى على ذلك اليوم حين من الدهر، التقيت بعده بالصكار مرارا حين يمر بلندن . وتعن على باله صحبة ما شابتها شائبة قط . وكثيرا ما انثنينا لتلك الأيام العصيبة التي زينت له سبيل الخلاص بالهرب من نيران المحرقة.
يهطل مطر الخيبة مدرارا ، حين نقرأ عن نقل الصكار لربوع الوطن ، أية لوعة تراجيدية تعادل لوعتنا: يلفظنا الوطن لفظ النواة ونحن أحياء، لتستقبلنا تربته بالأحضان حين تغادرنا الروح..
طائر الفينيق يعتلي قوس قزح
[post-views]
نشر في: 26 مارس, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ابو اثير
سيدتي الفاضلة... لم ولن يلفظك الوطن لفظ النواة وأنتم أحياء بل ستظلون في قرة عيوننا وشغاف قلوبنا فأنتم من نفتخر بكم قامات نساء العالم وأنتم من جعلنا نطمأن على الوطن لأن فيه نجوم وشموس تسطع على سطوح بلاد الرافدين أنتم نخيل العراق الذي لا ينتهي أنتم الوطن وا