قبل أيام ماتت المطربة سعاد عبد الله. شغلني عن الكتابة عنها مقتل زميلنا محمد بديوي الذي راح ضحية جريمة في وضح النهار. وكما تعلمون، عندما يصبح القتل روتينا وحدثا يوميا على مدار اليوم والساعة قد تحسبك الناس بطرانا لو رثيت من يموت موت الله، كما يقولون.
ماتت سعاد دون أن نجد مسيرة تشييع تطوف شوارع بغداد. حتى المثقفون والفنانون والمطربون ضموا روسهم. ليش؟ مجاملة للعقلية السائدة مو؟ من يتنازل عن مثل هذه سيأتي يوم يتنازل به عن دجلة مثلما تنازلنا بزمن صدام عن شارع أبي نؤاس ثم دفعنا الثمن مرّا.
حدثني أخو ثقة ان احد مستشاري دولته قد التقى وفدا فنيا من مصر قبل أعوام. تحدث احد أعضاء الوفد عن ولعه بالغناء العراقي وخص بالاسم يوسف عمر. أتعرفون ما الذي حدث؟ ان حضرة المستشار سأل الذي إلى جنبه: هل لدينا مطرب اسمه يوسف عمر؟!
هل يعرف المختار ان هناك مطربة عراقية اسمها سعاد عبد الله؟ ما هي ردة فعله حين سمع بنبأ وفاة فنانتنا رحمها الله؟ هل يحترمها أو يحترم فنا اسمه الغناء؟ قطعا سيقول قائل منكم: انه إسلامي وعقيدته تفرض عليه احتقار هذا اللون من الفن! على راسي، وليكن، فهذا رأيه. لكن العراق كان الغناء فيه عبادة وكانت القيثارة حجر الأساس في بنائه الأول! سعاد عبد الله وأمل خضير وداخل حسن والكبنجي وحضيري وناصر حكيم وفاضل عواد وحسين نعمة وعبد الأمير الطويرجاوي ويوسف عمر وغيرهم من المطربين من ركائز هويتنا العراقية. فاذا ما تحترمنا ليش تحكمنا؟
لو أن لدينا حاكما حضر فاتحة المرحومة سعاد وتقدم المشيعين بنفسه، أقسم لكم أنها ستكون أهم واقوى ضربة يكون قد وجهها العراق لداعش وأخواتها، وانها ستكون مؤشرا لا يقبل الدحض بان الحياة قد عادت لهذه الأرض. أعرف أنها خطوة لا يقدم عليها إلا من يحب العراق بصدق وان يكون عراقيا أولا وليس ثانيا أو ثالثا. أعترف بأني يائس من أن نحظى بمثله. يأس جعلني بحق أتمنى أن: أطك روحي وموت .. وجابل أهل الكوت.
وداعاً يا سعاد.