TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كمبوشة التلقين

كمبوشة التلقين

نشر في: 28 مارس, 2014: 09:01 م

المسرحيون المصريون في معظم عروضهم اعتمدوا" الكمبوشة" وهي نصف قبة خشبية توضع على فتحة في مقدمة المسرح مخصصة لشخص يتولى مهمة تلقين الممثلين في حال فقدانهم القدرة على تذكر الحوار ، فينقذهم من الحرج ، ولاسيما ان اغلبهم لانشغاله بتصوير مسلسلات تلفزيونية وافلام سينمائية وفي زحمة العمل واستمراره قد يتعرض الى حالة من التشويش فيخلط بين دوره في المسلسل والمسرحية ، وهذه المواقف كانت مادة لرسامي الكاريكاتير ومحرري الصحف المعنية بتغطية نشاط واخبار النجوم ، بدء من الزواج والطلاق والمشاجرات ، وانتهاء بارتكاب الأخطاء على خشبة المسرح.
عمل الملقن حاجة مهمة لا يمكن الاستغناء عنها في الايام الاولى من العرض المسرحي ،والمسرح العراقي باستثناءات نادرة لم يكن يعتمده ، لان الممثلين العراقيين كانوا يحفظون ادوارهم ، وبعضهم يجري تمرينات لاداء الشخصية في منزله امام المرآة ، و في بعض الاحيان يستعين بالزوجة والابناء باجراء بروفة داخل المنزل او فوق السطح ، ليكون مستعدا للتمرين ، فينال رضا المخرج ، خاصة اذا كان بطل المسرحية المكتوبة باللغة العربية او بالعامية ، والثانية تكون سهلة الحفظ وقابلة للزيادة بموافقة المؤلف احتراما لتقاليد العمل المسرحي السائد ، ولا يسمح لاحد من الممثلين وفق هذه الضوابط الخروج عن النص ، لان ذلك قد يؤدي الى حصول اضطراب في تسلسل الاحداث ، فيصاب البناء الدرامي بخلل ويفقد ايقاعه ، فترتسم على وجه المخرج ملامح الغضب ، قد يدفعه الى اعلان البراءة من اخراج المسرحية ، لتحولها الى مهزلة ، تهدد مستقبله الفني .
بفضل استخدام التقنيات الحديثة استغنت العروض المسرحية المصرية عن الكمبوشة ،وانحسر الاعتماد على الملقن ، لعدم قناعة الجيل الجديد من الممثلين بعمله لاعتقادهم بان وجوده يقلل من اهمية مواهبهم ، فضلا عن ذلك يوحي وجود الكمبوشة في مقدمة المسرح لدى الجمهور بان العرض غير مكتمل.
اثناء بث خطابات الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي عبر الفضائيات كان مرشد الاخوان يقف خلف " الريس" ليلقنه عبارات الخطاب التاريخي ، وبفضل "الاخوان" انتقلت الكمبوشة من خشية المسرح الى القصر الجمهوري ، فتحققت سابقة لم يعرفها الزعماء العرب أصحاب الجلالة والسيادة والسمو . لجوء "الاخوان" الى الملقن وفر فرصاستخدامه لاي زعيم او قائد لالقاء خطبة موجهة لابناء شعبه ، واستعراض منجزاته منذ توليه السلطة لتجديد ولايته ، بواسطة الكمبوشة" وصناديق الاقتراع من اجل ان يبقى بطل مسرحية هزيلة يستمر عرضها اربع سنوات أخرى بنجاح ساحق.
موعد بدء الحملة الدعائية لمرشحي الانتخابات التشريعية ، حدد في الاول من الشهر المقبل ، مع حلول كذبة نيسان ، والمرشحون سيبذلون اقصى الجهود لاقناع الناخبين بالتصويت لصالحهم ، وسيحقق الفوز العظيم من يجيد اصول القاء الخطب والتاثير في الجمهور ، اما الاخرون فبامكانهم اللجوء الى "الكمبوشة" وملقنها لتحقيق غايتهم في الوصول الى البرلمان ، ليمثلوا شعبهم في الدورة " الكمبوشية" المقبلة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram