على فرض استمرار العائلة السعودية في الحكم، فإن التعديلات الأخيرة على بنية وراثته، تؤكد أن الأمير مقرن الذي تمت تسميته وليا لولي العهد، سيكون الملك الأخير من أبناء الملك المؤسس عبد العزيز، وسيخلفه متعب إبن الملك الحالي عبد الله، في انتقال إلى جيل جديد من الملوك، سيكون بحاجة لاجتراح آلية جديدة لوراثة العرش، متعب ضمن العرش ولو بعد حين، إذ ينص القرار الأخير أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال تعديله، أو تبديله، بأي صورة كانت، من أي شخص كائناً من كان، وبأي تسبيب، أو تأويل.
هل يدل القرار المفاجئ، والذي حظي بتأييد غالبية هيئة البيعة، على حال من الاستقرار أم على حال من الانقسام، داخل العائلة المالكة وبين الأجنحة المتصارعة على العرش، خصوصاً بين الملك عبد الله والجناح السديري ممثلاً بولي عهده الأمير سلمان، وأبناء ولي عهده السابق الأمير نايف، ممثلاً بابنه محمد، وزير الداخلية الذي جرت العادة أن يكون المرشح لتولي موقع النائب الثاني، وضمان فرصته بالوصول إلى العرش، وهو المعروف بتأييد واشنطن لسياساته، غير أن عبد الله مهد الطريق لابنه متعب، بتحويل مؤسسة الحرس الوطني إلى وزارة وتعيينه وزيراً، لها ما نجم عنه توفر أكثر من وزارة سيادية، تشق طريق وزيرها المأمول نحو العرش.
ملك السعودية المنتظر، كسر عادة تتمثل بضرورة أن تكون والدة الملك من قبيلة سعودية، وقد كانت والدة مقرن يمنية، بل من غير الواضح إن كان بن سعود قد تزوجها، وهو ترك من بعده خمسة وثلاثين ولداً أحياء، من بين أربعة وخمسين خلفهم من اثنين وعشرين زواجاً ، كانت أساسية لتوحيد القبائل وترسيخ دعائم المملكة الوليدة، لكن الرجل لم يكتف بأربع زوجات على ذمته، فقد كانت له أربع خليلات مفضلات وأربع جوار مفضلات، ويجري الحديث همساً أن والدة مقرن المعروفة باسم "بركة اليمانية" كانت من الفئات الأخيرة، لكن ذلك لم يمنع والده من اعتباره ابناً شرعياً له على وجه صريح، ما يدفع للسؤال عن موقف الإخوة غير الأشقاء لمقرن، والعديد من أبناء إخوته الذين قد يرون أنفسهم أرفع نسباً.
المهم اليوم أن أيا من التطورات الأخيرة، لاتنبئ بما سيكون عليه المستقبل الأبعد، وستظل مسألة وراثة العرش غامضة، حتى مع وجود هيئة البيعة التي يمكن لأي ملك وقف نشاطها، والراهن أن هناك العديد من السيناريوهات، أبرزها أن مقرن سيكون ملكاً، يعين متعب ابن عبد الله ولياً لعهده في انتقال للجيل الثاني، مُنهياً فترة السديريين، ما يثير المخاوف من انتقال الخلاف، من داخل أسوار القصر العالية إلى خارجها، وبانتظار ذلك علينامراقبة المناورات.
ضمن الأمير مقرن مكانه في العرش، وقد يصبح ملكاً في حال خلو المنصبين معاً، وقد لا يكون الموت وحده سبباً لخلوّهما، فخيار التنازل بالتوافق لا يزال مطروحاً، ما يفتح الطريق سريعاً أمام مقرن، وحينذاك فحسب يكون متعب بن عبد الله، قادراً على حجز مقعده في القطار الموصل الى العرش، خصوصاً بعد موافقة هيئة البيعة على قرار ملزم، بأن يحل متعب مكان مقرن نائباً ثانياً لرئيس الوزراء، وهو منصب يسبق القفز الى العرش، مؤيداً بقوة الحرس الوطني ومستنداً إليها، وليس هناك ما ينفي نهاية تفرد الاخوة السديريين بالملك، على يد أخيهم غير الشقيق، الذي أتى بمقرن وهو أيضا أخ آخر غير شقيق للطرفين، ليكون الدرجة التي يصعد عليها متعب إلى العرش.
آخر الملوك من أبناء عبد العزيز
[post-views]
نشر في: 29 مارس, 2014: 09:01 م