TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > اصابع العروس

اصابع العروس

نشر في: 29 مارس, 2014: 09:01 م

منذ أول دورة لعجلة العملية السياسية في "العراق الجديد" على حد وصف المتفائلين بمستقبل الديمقراطية في بلد المليون ازمة والاضطراب الامني ، اعلنت القوى الفاعلة في الساحة بان تحالف "الشيعة مع الكرد" ستراتيجي وتاريخي ، وعلى صخرة التلاحم العربي الكردي ستندحر محاولات المتآمرين الساعين لدق الاسفين بين الطرفين ، لانهما يؤمنان بان وحدتهما هي السبيل الوحيد لتحقيق مصالح الشعب العراقي .
الاسفين اي المسمار بالحجم الكبير ، لاوجود له في تحالفات الاطراف المشاركة في الحكومة الحالية ، لان تصريحات الساسة والزعماء والمسؤولين حرمت استخدامه ، عندما كان الوفاق والاتفاق وفي كثير من الاحيان التوافق عوامل اساسية في ترسيخ وتوطيد تبادل الثقة ، والوقوف على قاعدة صلبة من القواسم المشتركة ، لا يخترقها بسمار فولاذي ، ويعجز "الدريل الهمر " عن التاثير في القاعدة الصلبة لقوتها المستمدة من قوة تماسك الساسة والتزامهم بالدستور وتطبيقهم مواده بروح رياضية ، بعيدا عن الدوافع الطائفية والفئوية والحصول على مكاسب سياسية لصالح طرف على حساب اخر .
مراجعة تصريحات القادة السياسيين والمسؤولين على مدى اكثر من عشر سنوات ، تعطي دليلا واضحا على ان القاعدة الصلبة كانت مجرد اوهام ، فالواقع على الارض يكشف عن خلافات عميقة ، والقاعدة الصلبة اكذوبة اسهم الجميع في تسويقها بوصفها حقيقة ثابتة، والعراقيون على يقين راسخ بان القاعدة هشة وبامكان بسمار بانج واحد اختراقها ،واسقاط من يقف عليها ، بمعنى اخر انها "تختة جرك" عادة ما تكون السبب في سقوط الشخص من السقف الى الارض، وبالتعبير السياسي الانحدار نحو منزلق خطير اوالدخول في نفق مظلم ، ولا امل قريبا في وجود الضوء بنهايته .
تحالف ستراتيجي واخر تاريخي والثالث مصيري ،وكلها من اجل خدمة المصالح الوطنية ،شعارات رفعت في مواسم الوفاق والاتفاق ، وسرعان ما اختفت ، وتلاشت نتيجة بروز نزعة استبدادية لدى من يدعي بانه رجل دولة من الطراز الفريد ، فاصبح محبوب الشعب بكل فئاته ومكوناته والموجه والمرشد وصاحب نظرية جديدة في اعتماد التداول السلمي للسلطة ، فوقف وحده على القاعدة الصلبة ، وتناسى ان خطوة واحدة منه ستكفي ليكون ضحية "التختة جرك".
قبل دخول الجكليت المستورد الى الاسواق المحلية ، كانت اصابع العروس وهي نوع من الحامض حلو ، بالوان متعددة توزع بين الاطفال في مناسبات الافراح ، واثناء زيارة المراقد الدينية ، للتعبير عن الشكر في الحصول على المراد ، بولادة الابن البكر ، او كشف سحر امرأة شريرة بثت الكراهية بين رجل وزوجته ، وعادة ما تطلق النساء الهلاهل امام باب الحوائج في لحظة "طش" اصابع العروس على الرؤوس ، فليلتقطها الرجال والنساء ،ومع تذوق حلاوتها ، تنطلق التمنيات بدوام العافية والستر .
في مرحلة ما بعد اصابع العروس ، تبدو التصريحات حول التحالفات الستراتيجية ،والوقوف على قاعدة صلبة مثل الوقوف بقرب "التختة جرك " ولتفادي السقوط في المنزلق الخطير ، لابد ان يتوجه دعاة التحالفات التاريخية المصيرية الى المراقد الدينية وامام باب الحوائج ويقسمون بانهم لن يستخدموا البسامير ، ويوقعون على وثيقة شرف تلزمهم بتوزيع اصابع العروس ضمن مفردات البطاقة التموينية .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram