مر يوم (٢٢ آذار اليوم العالمي للمياه ) بتقويم الساسة بالعراق مرور الكرام ، وكان جديرا بالرصد و بأولوية الاهتمام . ذلك لتعلقه بحيوات بلد ، بسكانه وبزرعه وضرعه و آفاق مستقبله. انشغل الجمع بأخبار الكتل والكيانات وصراع المصالح الشخصية ، وكيل التهم ومحاولة التبرؤ من شبهات الفساد التي أزكمت نتانتها الأنوف .
الصور المنشورة على كثير من المواقع - عربية وأجنبية - مهينة وموجعة كضربة سوط . زمر من النساء والأطفال يملأون الخوابي والقدور من برك مياه آسنة ،
هل يعقل ان يعاني سكان ما بين النهرين شحة في مياه الشرب والاغتسال؟ ماء الإسالة شحيح ومتقطع . والإشاعة واردة حول عدم صلاحيته للشرب !
هل هو سوء حظ العراق ان تكون-كل - مصادر موارده المائية خارج حدوده؟ بلدان الجوار تركيا وإيران وسوريا تتحكم بكميات المياه المنحدرة نحو العراق كلما شابت العلاقات السياسية شائبة . تتعطل - عندذاك - كل المواثيق والقوانين الدولية ولا يعلو إلا منطق الغاب ، قوي وضعيف ، غالب ومغلوب . منتصر ومهزوم.
ليس العراق فريدا في فقدانه انهارا وطنية صرفة، كنهر بردى في الشام ، ونهر البارد في لبنان، والسين في فرنسا والتايمز في بريطانيا..إلخ . وهو ليس فريدا في حظوته بنهرين مما يطلق عليها : الأنهار الدولية ، وهي التي تخترق حدود اكثر من دولة ، او تشكل في حد ذاتها حدودا طبيعية بين بلدين . من بين تلك الدول مثالا لا حصرا : اشتراك فرنسا وألمانيا بمياه نهر الراين . وإيطاليا وفرنسا وشراكتما في نهر رينو وروافده ،وروسيا وفنلندة ، والهند والباكستان ، والقائمة تطول.
في ظل هيمنة القوانين والمعاهدات والمواثيق الدولية انعدمت او تحجمت -النزاعات بين الدول المتشاطئة.. وأخضعت لبنود القانون الذي لا يمكن تجاوزه . والذي ينص في بعض بنوده: …. مع عدم الإخلال بحقوق دول المصب بحصتها من تلك المياه …. والتشاور قبل إقامة المشاريع التي تؤثر على كميات ومناسيب المياه المتدفقة نحو بلد المصب . والتفاوض إذا كان ثمة احتمال ان تتسبب تلك المشاريع بأضرار للدول المتشاطئة..
هل تم التشاور حين أقدمت تركيا على إقامة سدودها وأضخمها ما يدعى بسد ( اليسو ) والذي قلص ويقلص حصة العراق من الماء الى نسبة النصف؟، وهل تم تفعيل القوانين الدولية كلما عنّ لإيران تحويل مجرى الروافد للحيلولة دون وصول الماء للأنهر العراقية — وتلك الروافد تشكل ديمومة النسغ الجاري، وقدرت إعدادها بأكثر من ( ٢٥) رافدا ، منها رافد الطيب ، والكرخة ، و الكارون ونهر الوند العذب الذي يساهم مدراره في عذوبة الشط او ملوحته حين احتجابه.
خلط الماء بالسياسة ، كمحاولة خلط نجوم السما بحصى الفلاة، معادلة خارج حدود المنطق . متاهة كارثية ما دام حكماء القوم في غيبوبة ، بعيدين عن البحث عن سبل لتفسير مبادئ القوانين الدولية ،وإحياء علاقات حسن الجوار ، بما يتيح للعراقيين اكل العنب قبل التفكير بقتل الناطور .
عطش بين نهرين
[post-views]
نشر في: 30 مارس, 2014: 09:01 م