TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > إلى زميل لبناني

إلى زميل لبناني

نشر في: 31 مارس, 2014: 09:01 م

بحسّ الصحفي المحترف، النبه والمدقق، لاحظ الزميل اللبناني القديم كمال قبيسي، المحرر في "العربية نت"، خبراً بثّه المركز الخبري لشبكة الإعلام العراقي، فأرسل لي رابطه أمس مع تعليق ذي دلالة بالغة يقول: "خبر عراقي من الوزن الثقيل كهذا الخبر ولا توجد صحيفة عراقية تصنع منه تحقيقاً كبيراً".
نعم انه خبر من الوزن الثقيل، لكن في ظروف أخرى. والمشكلة الآن تكمن في الآتي: من سيهتم بتحقيق عن حادثة كهذه ظلت طيّ الإخفاء والتكتم منذ ثلاثة عقود؟.. نعم من سيهتم، وهي حادثة تبدو من الوزن الخفيف بالمقارنة مع الكثير من الحوادث ذات الوزن الثقيل جداً التي جرت في عهد صدام حسين ولم يكلّف النظام الجديد نفسه مهمة التحقيق فيها وجلاء خفاياها، مع انها ذات قيمة تاريخية كبيرة؟ ومن سيهتم بقصة عمرها ثلاثين سنة فيما تجري الآن حوادث من الوزن الثقيل للغاية تؤثر تأثيراً مباشراً على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الراهنة للعراقيين ولا تأبه الدولة بكشف أسرارها للناس؟
خبر الوزن الثقيل الذي عناه الزميل قبيسي يتعلق بمعلومات أخفاها نظام صدام عن اختطاف طائرة عراقية نوع "بوينغ 727" بعد إقلاعها من مطار العاصمة الأردنية عمان في أحد أيام العام 1985، وتحطمها على الاراضي السعودية بعدما نشبت معركة بين طاقم أمن الطائرة والخاطفين ما أدى الى سقوطها في الصحراء السعودية بالقرب من منطقة عرعر، وهو حادث قتل فيه 63 شخصاً بينهم ثلاثة من طاقم الطائرة فيما نجا بقية الركاب.
اكبر بكثير من ذلك الحادث كانت مجزرة قتل القيادة البعثية في تموز 1979، وأكبر الحرب ضد ايران، مجازر حلبجة والانفال، غزو الكويت، والمقابر الجماعية بعد إجهاض انتفاضة آذار 1991. تلك الأحداث الكبرى لم تزل جوانب أساسية منها خفية على الشعب العراقي.. الحكام الجدد لم يشاؤوا أن تنكشف الأسرار الكاملة لها، فقد عمدوا الى محاكمة صدام حسين وإعدامه بسرعة البرق عن حادثة واحدة، هي مجزرة الدجيل، وأعفوه من الإدانة بارتكاب المجازر والجرائم الأخرى.
ولماذا نذهب بعيداً .. الآن تجري أحداث أكثر أهمية من الحادثة القديمة، محاولة الاختطاف وتحطم الطائرة العراقية.. منذ ثلاثة أسابيع كانت قضية إعادة طائرة لبنانية وهي في طريقها الى بغداد لأسباب قيل إن لها علاقة بعدم انتظارها ابن وزير النقل الى ما بعد الموعد المقرر للإقلاع. ويومها برأ الوزير ابنه ووعد بإجراء تحقيق في الحادث لتحديد المسؤوليات. والآن بعد ثلاثة أسابيع تبدو وزارة النقل كلها "مطنشة"!
قبل هذا كانت حكومتنا قد أقالت دون وجه حق وبالتعارض مع أحكام الدستور وقانون البنك المركزي، محافظ البنك د. سنان الشبيبي، واعتقلت عدداً من خيرة اختصاصيي البنك، بحجة وجود فساد مالي واداري، وشكّل مجلس النواب لجنة تحقيق. وبعد سنة ونصف السنة فان البرلمان، كما الحكومة، "مطنش" هو الاخر على نتائج التحقيق، والسبب ان التحقيق أثبت ان الشبيبي وطاقمه لم تكن لهم أية علاقة بأي نوع من الفساد، وان الفساد المالي والإداري كان من اختصاص نواب ومسؤولين حكوميين لم يمسس أحد لهم شعرة.
غير هذين الحادثين هناك العشرات من القضايا من هذا الوزن وأثقل، وكبار المسؤولين في دولتنا الشهود على كل شيء يؤدون دور الشاهد الذي "ما شافشي حاجة"!
عزيزي كمال.. انت خير من يهتم بقصة الطائرة تلك.. أما نحن فمشغولون بقصص الحاضر التي يشيب لها شعر الولدان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. عمار الدليمي

    تصحيح للخبر تنافلن طل وسائل الاعلام خبر اختطاف الطاشره العراقيه رحله 163 من عمان الى بغداد وقد منع طاقم امن الطائرهفرمى احد الخاطفين قنله يدويه على مصقوره الطائره فحدث ثقب الطائره مما اضطر الطيار الهبوط اضططراري لكن احد الخاطفين رمى قنبله اخري فحدث انفجار

  2. Salam

    حسب علمي ان حادث خطف الطائرة قد أعلن في حينه و أتذكر جيدا انه قد جرى تشيع رسمي للشهداء و لكن يبدو ان القائمين على الاعلام و الاخبار من نوع المنفيست او الدمج لذلك ترتكب مثل هذه الهفوات ابسط ما يقال عنها ضربة غشيهم مصلحة

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram