لعبة (الختيلة) التي تمارسها الحكومة المحلية في البصرة بشقيها (البصرة أولا ودولة القانون) قد لا تنتهي حتى بعد نهاية الانتخابات البرلمانية، فما أن تتمكن الكتلة هذه من سرقة او استمالة عضو او عضوين من الكتلة الخصم حتى تعلن طعنها بالاجتماع الذي عقدته تلك ووزعت بموجبه المناصب ورئاسة اللجان وهكذا تدور رحى الخصومة فيما يعاني المواطن المسكين من كل ما تضطرب به حياته، متطلعا لنهاية مسلسل التسقيط، لاعنا مبدأ الشراكة التي لم تجلب له سوى الخيبات.
وما تعاني منه العملية السياسية في بغداد تنعكس نسخة منه في البصرة، لذا يمكننا القول إن وجود كتلتين كبيرتين تتقاسمان عدد المقاعد بالتساوي ،يزيد واحد أو ينقص واحد مشكلة سياسية لا حل لها، وهي أسوأ ما أنتجته الانتخابات السابقة، إذ لا يمكن لأي كتلة العمل بها مهما كانت، وإذا كان مبدأ الشراكة السياسية بين المكونات (المتعادلة) (سنية شيعية كردية) في بغداد قد أوصل البلاد إلى ما نحن عليه من الاحتراب والتشظي والتقسيم المنتظر فإن الانقسام شيعيا في البصرة يبلغ على أشده اليوم.
الأخبار تقول بأن الدكتور ماجد النصراوي محافظ البصرة أدخل مستشفى الصدر التعليمي اليوم على إثر نوبة قلبية حادة تعرض لها، هو الذي خرج من إحدى مستشفيات القلب في الكويت قبل نحو من شهرين، الأمر الذي يحيلنا إلى تذكر أن الدكتور خلف عبد الصمد رئيس المجلس والمحافظ السابق كان تخلف وبسبب مرضه أيضاً عن اجتماع المجلس الذي دعت له كتلة البصرة أولاً فور الانتهاء من انتخابات مجالس المحافظات الماضية. ومن يدخل المبنى الحكومي يجد أن الانقسام والتقاطع والتباغض والمناكدة مادة رئيسية على طاولات مكاتب الأعضاء ومكاتب الموظفين على حد سواء. وكل حديث عن تغيير أوضاع المدينة لا وجود له بل ويصطدم بعقبة موافقة من بيده الحل والعقد.
ولكي لا يظن احد بنا ظن السوء نقول ومن باب الأمانات وإعطاء كل ذي حق حقه: بانَّ غالبية الأعضاء حريصون على تقديم الخير لأبناء مدينتهم، بل بينهم من يتفطر قلبه ألماً لأن الأوضاع هذه تحول دون رغبته في رؤية مدينته بأفضل حال، والله أشهد بان المحافظ ورئيس المجلس وغالبية المتحالفين مع الأول والثاني يريدون تقديم مشاريعهم وتصوراتهم وإنجاح عمل اللجان التي أوكلت لهم، لكن إرادة الكتل في بغداد والنجف وكربلاء فوق ذلك كله، وهم غير قادرين على شق عصا الطاعة على ولاة أمورهم الذين أقسموا على طاعتهم، وتجاوز الأمر حدَّ أن ذهب ضحية ذلك الكثير من الأعضاء المستقلين أو أصحاب المقعد الواحد الذين انضموا تحت لواء الكتلة هذه او تلك، وبذلك خسرنا النتائج، لا بل وننتظر ما هو أسوء من ذلك بكثير.
لن تتغير خريطة المقاعد السياسية في العراق ما لم يخرج الجميع من جبة الدين او الإسلام السياسي، ولن يتمكن سياسيو الشيعة من قيادة البلاد مهما حصدوا من أصوات، كذلك الحال بالنسبة لسياسي السنّة وإن بالغوا في تجميع شتاتهم. وما يحلم به المالكي من أغلبية سياسية ،برلمانية لن يتحقق لا له ولا لغيره، فقد بات في يقين الشعب بان أي تشكيل ديني (شيعي أو سني) سيكون طائفيا بالضرورة، وهو بالنتيجة يسعى ويكرس حتى وإن حرص أصحابه على تقديمه على طبق من إخاء ووئام، وإن بذلوا قلوبهم وأرواحهم رخيصة على مذبح الوطنية والإسلام لن يصدقهم أحد، فقد حسم الشعب تصوراته ونتائج ذلك باتت على مرأى الجميع، وإن كسب الفريق هذا او ذلك جولة الانتخابات القادمة فلن يتمكن من الأخذ بيد البلاد الى بر السلام، وستظل الطائفية ممسكة بخناق الناس في كل شبر من أرضنا المبتلاة بهم، لا بل ستكون أقبح وأشنع.
لا خلاص للعراق ولشعبه إلا بحكم مدني، وطني خالص من الدين وتشققاته، ولا نهاية لاحتراب الطائفتين وإيقاف نزيف الدم إلا بالتفكير المخلص الذي ندعو الإسلاميين الأخذ به، ألا وهو ترك السياسة لأهلها والعودة الموفقة للمسجد والحسينية فللناس حوائج ومصالح وآمال تتعطل بوجودكم على كراسي السلطات الثلاث. وفي المباني الحكومية كلها.
العراق ومستقبله والبصرة والمدن العراقية الأخرى ومستقبلها أكبر من مما يدور في رأس قادة الكتل في بغداد والنجف وكربلاء يا حكام البلاء .
البصرة التي تنقسم بين بغداد والنجف
[post-views]
نشر في: 1 إبريل, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
أبو همس الأسدي
رائع استاذ طالب .. وكما كنت في منارة البصرة (( ساعة سورين ))وها أنت تتواصل مع الحاضر السيء !! وهنا لابد من التنويه الى ما يحصل في أعقاب كل تغيير في مجلس المحافظة ؟ حيث يتم تغيير حتى عامل الخدمة وبائع الشاي وقطع أرزاقهم اضافة لما تفضلت به من تأخير لمصالح