TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "الولد " بطل الفيلم

"الولد " بطل الفيلم

نشر في: 1 إبريل, 2014: 09:01 م

"الولد" مفردة كان يطلقها الجيل السابق من متابعي الافلام السينمائية والتلفزيونية على بطل الفلم ، تعبيرا عن اعجابهم بشخصيته وبطولاته الخارقة في ملاحقة "العصابة " ، وفيدور السينما البغدادية المنتشرة في العاصمة وبالتحديد في احيائها الشعبية قبل عشرات السنين ، كان الصغار يسألون الكبار عن "الولد" بطل الفيلم ، فاكثرهم لايجيد قراءة الترجمة ، ومداركهم قاصرة عن متابعة الاحداث ، "وين الولد"؟ سؤال يتكرر ، وحين يصفق الجالسون في المكان المخصص لدافعي بطاقة اربعين فلسا ، يتعالى الصراخ ، والصفير ،ويعلن احدهم "هذا الولد" في اول لقطة كبيرة ،يظهر فيها بطل الفيلم فيحسم الجدل والاستفسارات ، وتظل مشاعر التعاطف والتحذير من رئيس العصابة حتى ظهور كلمة النهاية .
قبل انقراض دور السينما في بغداد وتحويل بعضها الى مخازن تجارية واخرى مسارح للعروض الهابطة ، احتفظت صورة البطل بحضورها في اذهان الصغار والكبار ،فيعيدون تمثيل مشاهد ضرب اللكمات ، واستخدام "فجوج الباجة" مسدسات غير مزودة باجهزة كاتمة للصوت، لتبادل اطلاق النار ، وفي تلك المشاهد الحية في الهواء الطلق بقرب سينما الفردوس بشارع الكفاح والكرنك بمنطقة البياع والبيضاء في بغداد الجديدة ، يكون البطل من يمتلك القوة العضلية ، وسرعة الجري ، واجادته القفز ورشاقة الحركة ، وحين ينهي مهمته بالقضاء على الخصوم كبيرهم وصغيرهم ينال شهادة الاعترف بانه "الولد بطل الفيلم" فيمتلك حق حمل سلاحه "فج الباجة" بجيب الدشداشة الصفح ، او تحت قميص البجامة البازة المخططة .
"ابو الاربعين" الموقع الاقل سعرا في دور السينما الشتوية والصيفية كان ميدانا لاعلان ولادة الابطال من الممثلين المصريين او الاجانب ، ومع عرض المشاهد الاولى من الفيلم يتفق المشاهدون على بطل واحد ، بغض النظر عن قتله الابرياء من الهنود الحمر او الزنوج، وقد تثير مثل هذه المشاهد الكبار ، فيبدون اعتراضهم على القتل المجاني ، وحين يعترض احدهم على ذلك ، يواجه انتقادات العشرات ، وهناك من يمنعه من التعليق ،والاستهانة ببطولة "الولد " وجرح مشاعر المتعاطفين معه ، فيضطر المعترض على القتل المجاني الى الالتزام بالصمت ، خشية التعرض لغضب المشاهدين المسلحين بـ "فجوج الباجة ".
ذاكرة رواد السينما وبالتحديد موقع "ابو الاربعين" ظلت حتى الوقت الحاضر تحتفظ بصور الابطال وافلامهم ، وحين يسترجعها الباحثون عن تفاصيل الماضي ، الساخطون على حاضرهم ، يجدونها حاضرة في حياتهم في الوقت الراهن ، ولاسيما في المشهد السياسي العراقي ، فهناك من يدعي انه بطل الفيلم الوحيد ، يمتلك اسلحة مختلفة الانواع، سخرها للقضاء على كل العصابات، فاستحق لقب البطل التاريخي في المنطقة العربية .
المئات من الساسة والمسؤولين العراقيين ليس من المستبعد ان يكون احدهم ارتاد دورالسينما ودفع بطاقة بمبلغ اربعين فلسا ،وصفق مع بقية المشاهدين للولد ، هذا السياسي"ابو الاربعين" امامه مهمة صعبة في ملاحقة عناصر العصابة و"فج الباجة" سلاح الزعاطيط لايمنح لحامله امكانية الحصول على لقب بطل الامة في منطقة مضطربة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابو عزيز

    بصراحة عزيزي استاذ علاء تذكرني بالراحل ابو كاطع ولكن بأسلوب اهل المدينة ،تحياتي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram