معادلة محيرة ، وحلها عسير.
حاكم مخلص ونزيه في كفة ، ومستشارون مضللون في الكفة الاخرى. ..
ما حدود الحاكم —صاحب القرار الاخير —في إختيار مستشاريه؟ وما هي الضوابط التي يركن إليها في الإعتماد على تقاريرهم ؟ وكم هي نسبة الوثوق فيما يطرحونه؟ سواء أكانت نصائح او خلاصة خبرة او محض مشورة؟ وما هي مسوؤلية المستشارين من خبراء وإختصاصيين وسكرتارية وحاشية مقربة في تزويد الحاكم بما يجري من احداث ووقائع دون تهويل او تهوين؟
معظم الذين ضللوا الحكام — عمدا او جهلا او تقية — إرتدت سكاكينهم لنحورهم . غابوا هربا ، او غيبوا قسرا . او جلسوا— عراة إلا من حسرتهم يعضون اصابع الندم— في المقاعد الخلفية للتفرج على هول المشهد .
إختيار الحاكم للجهال والمرتزقة واهل التقية — كمستشارين — قمة الكارثة وقاعها معا . فالحاكم - مهما كان رشيدا ومخلصا وكفوءا ، و..و.. لا يمكنه زيارة البيوت ، والمدارس والمصانع والمزارع لتلبية إحتياجات اهلها ، كما ليس بامكانه التسكع بالشوارع والحواري لسماع شكاوى الناس ، ومشاهدة معالم الخراب الذي يحل بهذى القرية او ذاك الزقاق … لذا فإنه مضطر ان يسمع ويرى ويشم ويتلمس مواضع الخلل عبر حواس مستشاريه ، وما يقدمونه من معلومات غير مضللة وما يرتأونه من صائب الحلول .
من هنا يبدأ تصدع السقوف وإنهيار اعمدة البلد على ساكنيه وأولهم ( الحاكم ) .
التقارير تقول : ان الشعب راض ومرفه ، بينما الشعب ساخط ، يعيش الرهق والخوف والقتر ،والتقارير تؤكد ان الأمن مستتب ، بينما تنور الامن مشتعل وينذر بحريق لا يمكن إطفاؤه بماء صنابير جافة . التقارير تؤكد إن الخير عميم والموائد عامرة والخبز ببلاش ، بينما الغالبية تعاني من قتر ومن عسر ومن تنكيل … إن خطأ صغيرا - مقصودا او غير مقصود - يدس في معلومة ترفع لرأس السلطة او صانع القرار كفيلة بإيقاع افدح الخسائر ، وأن تأجيلا امده بعض ساعة في حسم قرار . او عجالة في إتخاذ موقف. كفيلان بزوبعة كاسحة، من هنا تجيء خطورة الجهلة من المستشارين في بلاط الحاكم .
رجال الصف الاول الاكفاء حول الرئيس هم سقفه وسياج قراراته الصائبة .. والوسيلة المثلى لديمومة خططه الراجحة، بهؤلاء— وليس بالعوام من جمهرة شعب منهك ، تتأكله الامية والامراض. وتتقاذفه الصراعات واجندات الغرباء.
استحضر من الذاكرة مقولة لصحفي قدير مفادها : الشعب يصلح ان يشكل للحاكم حديقة او حقلا او حتى سماء لإستنزال البركات. لكن ملاذ الحاكم الحقيقي هم - المستشارون - شرط ان يسمح لهم بالرؤية دون نظارات ملونة
شرط ان يمحضوه النصيحة دون خوف من عقاب ، دون إبتغاء مكسب…..
يا الله .. ما اكثر العبر والدروس المستنبطة من الاحداث ، ويا إلهي كم من الساسة من يكره قراءة التاريخ !
حصى في كفتي الميزان ؟
[post-views]
نشر في: 2 إبريل, 2014: 09:01 م