اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قانون "الفوهرر" للسلامة الوطنية

قانون "الفوهرر" للسلامة الوطنية

نشر في: 4 إبريل, 2014: 09:01 م

العمود  اليومي يفرض على صاحبه  أن يبحث عن الحدث  المثير .. ومنذ أن شرعت في كتابة هذه الزاوية المتواضعة ، وأنا أحاول طرح موضوعات لا تجلب لقرائها اليأس ولا تحاصره بمزيد من البؤس ، غير أنني أخجل أيضاً من أن أشغل القارئ بالدعابات ونكات عباس البياتي حول استنساخ مختار العصر  ،  ونظرية حنان الفتلاوي في موازنة القتل والذبح على الهوية  .. واحاول وأنا أكتب مقالا ان أعود فيه إلى بعض الكتب التي حالفني الحظ وقرأتها، فأجد ان  مفكرا بحجم غرامشي  يعترف بأن "الاستبداد ينتعش في زمن الفوضى" ، والفوضى هي التي جعلت ائتلاف دولة القانون يرفع شعار: " نموت .. نموت ويحيا قانون السلامة الوطنية "   
المسؤول الفاشل عادة ما ينتقم من جمهور يرفض تصديق منجزاته " العظيمة"، هكذا يخبرنا غرامشي في كتابة المثير "دفاتر السجن"، في  صفحات مثيرة من الكتاب يحدثنا غرامشي  عن  موسوليني  الذي ظل يصر حتى اللحظة الاخيرة  ان  " النصر لنا "،  لا يزال ساستنا مصرّين على أن يتعلموا من ميكافيللي،  لا من غاندي ،  "لا تفكر في أرواح الناس فهي لا تعادل خطوة  واحدة في ترسيخ نظام الحكم.."هذا هو الدرس الذي يعطيه صاحب كتاب الأمير للطغاة، لم يكن صدفة أن تعطي البشرية في وقت واحد هتلر وغاندي.. يكتب غاندي: "حيثما توجد خطب وحيثما يتكاثر الخطباء.. فإن البلاد ستذهب في طريق الهلاك حتما"..
تأملوهم جميعا. كل واحد يستخدم لغة "القائد الرمز" بجمله وتعبيرات وجهه وعصبيته وابتسامته، هل تعرفون ما اسم القانون الذي شرعه هتلر لملاحقة خصومه؟ إنه  قانون  " السلامة الوطنية "  بهذا القانون  حكم بالموت على الملايين.. وبمساعدة أعضاء اللجنة من الثوريين كانت الناس تعدم في الزنازين وتغيب في أقبية المعتقلات.
اليوم العشرات من  أعضاء دولة القانون يخرجون علينا ليصرخوا من شاشة الفضائيات "نحتاج إلى قانون للسلامة الوطنية لأن العراق يتعرض إلى مؤامرة خارجية".. ولم ينس السادة أعضاء ائتلاف " السلامة الوطنية  " أن يرددوا الأسطوانة المشروخة من أن القائد العام للقوات المسلحة  غير مسؤول عما يجري من كوارث امنية وخدمية ، لانه  ورث بلاداً مثقلة بالخراب .
توقع العراقيون أن يدخل بهم الحكام الجدد إلى ثقافة الأوطان والمواطنة، وأن يعاملوهم كمواطنين، لاكأعداء وأن يبدعوا في الإعمار والتنمية، لا في السباق على بناء قوات " العقرب والذيب والأسد " عندما تقوم دولة العدالة الاجتماعية، يصبح الأمن لمعونة الناس، وليس لاضطهادها وابتزازها وإذلالها.
لماذا يصرّون على منع الناس من مناقشة القضايا الحقيقية المتعلقة بمستقبلهم واستقرارهم؟ الجواب واضح لأن إزالة الغبار الكثيف الذي يغطي حياتنا السياسية سوف يكشف للناس أن معركتهم الحقيقية هي مع السذاجة السياسية التي يراد لها أن تسود حياتنا.
لماذا يريد منا  المستشار الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء ان نصدق أن قانون السلامة الوطنية لا يعني حالة الطوارئ؟ فماذا يعني يا عزيزي  المستشار،  والقانون يقول بالحرف الواحد ان من حق رئيس الوزراء ان يفرض قيودا على حرية الأشخاص في الانتقال والتجوال ، وحظر الدخول في بعض الأماكن حظرا مطلقا ،  هل يريد " معالي " المستشار المزيد من فقرات القانون ، إذن اقرأ معي : " فرض قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع وتفريق الاجتماعات  ، فرض رقابة على  وسائل النشر  كالصحف والكتب والنشرات والرسوم والرقوق الضوئية والأشرطة الصوتية  قبل نشرها او إذاعتها او عرضها " لعل مما يثير الحيرة  ليس  حديث الموسوي عن القانون المثير للسخرية، وانما حالة  التناقض الواضح لدى السادة  اعضاء دولة القانون، بين الإحساس بالخجل من قانون الطوارئ وبين قتالهم العنيف من أجل قانون للسلامة الوطنية، ناهيك عن تناقضات أخرى مضحكة بين سيل التصريحات الرسمية السابقة بخصوص الاستقرار والأمن والأمان الذى يحسدنا عليه العالم أجمع، وبين عصبية  المالكي هذه الايام  وهو يتحدث عن العواصف والأخطار المحدقة بالبلاد من كل حدب وصوب .
أيها العراقيون لا تصدّقوهم إنهم يريدون لكم قانونا على مقاس دولتهم،   دولة تبحث عن فن وأصول قوانين "الفوهرر" .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. عساكم بخير

    تعلمنا منذ الصغر ان التجربة اكبر برهان ونحن الان جربنا هولاء النكرات ثماني عجاف فكيف يراد منا ان نصدق كلامهم انا شخصيا لم اثق بهم حتلى لو كان نسبة الثقة به 2بالمئة المؤامرة التي يتكلمون عنها نعم انهم هم من صنعوها وهم من يريد ان يكمم افواه الناس وسلب حريات

  2. أبو همس الأسدي

    الأستاذ علي المحترم .. لاأعتقد أن الأخوة رعاة دولة المحاصصة قد سبق لهم أن قرأوا كتاب الأمير ؟ كون كاتبه لايؤمن بالولايةالمالكية ؟ولكنهم أخذوا من الحقبة الصدامية ما ينسجم اليوم ونهجهم في التفريط بأرواح الضحايا اليومية من أجل تثبيت حكمهم ؟؟ وكسبق صحفي لابد

ملحق منارات

الأكثر قراءة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

العمودالثامن: نواب يسخرون من الشعب

متى تتكلم الأغلبية الصامتة؟ وماذا بعد قانون الأحوال الشخصية؟

مأساة علاقات بغداد وأربيل..استعصاء التجانس واستحالة التفارق

العمودالثامن: شجاعة نائبات

 علي حسين إذا كنت مثلي مجبراً رغم أنفك، على سماع أخبار هذه البلاد العجيبة، فإن هناك جيشاً قوامه العشرات من المدونين ، يشن حملة ضد محامية ذنبها الوحيد أنها دافعت عن قانون الأحوال...
علي حسين

قناطر: الشعر هو ما يجعلنا نحلم

 طالب عبد العزيز قليلاً ما أكتب الشعر في الصيف، بل هو لا يأتيني فيه، فأنا أكره الحرَّ والشمس اللاهبة، ذلك لأنني رجل شتوي بامتياز، أحبُّ البرد والرياح القارصة والمطر والثلوج، ولا أجمل من...
طالب عبد العزيز

فلسفة الحكم في العراق

محمد حميد رشيد الحكم في العراق مبني على شعارات مجردة وفرضيات مبهمة وعواطف ملتهبة وعلى قواعد عامة لا تكفي أن تكون نظام لتسيير مؤسسة صغيرة وليست دولة كبيرة. وهناك من يقول ان الدستور هو...
محمد حميد رشيد

العراق: أحوال شخصية ام تكريس لظاهرة السلطة الموازية؟

حارث حسن واجهت معظم الدول الإسلامية الحديثة إشكالية التناقض بين مبادئ وأحكام الفقه الإسلامي (الذي يستخدم خطأً باعتباره مطابق للشريعة)، وبين المبادئ التي تقوم عليها الدولة الحديثة. يتعلق الأمر بمسألة شرعية هذه الدولة، والتي...
حارث حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram